اكد المنتدى الاقتصادي العالمي أن أحداث العام الماضي أظهرت حاجة ملحّة إلى تغيير أسلوب التفكير بشأن المخاطر العالمية وكيفية إدارتها، نظراً لمستوى الترابط غير المسبوق بين تلك المخاطر، مشدداً على أن الحاجة إلى معالجة ثغرات الحوكمة العالمية أضحت اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحقيق هذا الأمر إلا عبر إعادة نظر شاملة في القيم والسلوكيات الحالية من جانب صانعي القرار بغية تحسين مستوى التنسيق والإشراف. واوضح المدير العام الرئيس التنفيذي للأعمال في المنتدى روبرت غرينهيل في التقرير الذي نشر امس حول «المخاطر العالمية 2010»، ان نتائج التقرير تؤكد أنه «يجب علينا مواجهة التحديات التي يفرضها الترابط غير المسبوق بين المخاطر، فالأزمة المالية والركود الذي تلاها خلقا بيئة أكثر عرضة للمخاطر التي يمكن أن تتحول مستقبلاً إلى أزمات إن لم تتم معالجتها». ويتم نشر تقرير «المخاطر العالمية» سنوياً قبل انعقاد الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ويتم إعداده بالشراكة مع «سيتي جروب» و«شركات مارش آند ماكلينان» و«سويس ري» و«مركز المخاطر بكلية وارتون» و«مجموعة زيورخ للخدمات المالية». ويمثل هذا التقرير خلاصة مشاورات على مدى عام كامل بين خبراء من قطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية وصانعي السياسات. ويأتي نشر التقرير بنسخته الخامسة بالتزامن مع الذكرى السنوية الأربعين لتأسيس المنتدى الاقتصادي العالمي. ويتناول التقرير تأثير الأزمات المالية والتداعيات الاجتماعية والسياسية لارتفاع معدلات البطالة في اقتصادات رئيسية عدة، فالنماذج الحالية للصحة والتعليم ومكافحة البطالة ترزح تحت ضغط شديد جراء الأزمة المالية، ناهيك عن التداعيات البعيدة المدى لارتفاع متوسط الأعمار. واكد كبير الخبراء الاقتصاديين في مجموعة زيورخ للخدمات المالية دانييل إم هوفمان، ان الأحداث التي جرت العام الماضي كشفت أن الاقتصاد العالمي ينطوي على العديد من المخاطر الكبرى التي تحتاج إلى معالجة. مشيراً الى ان دولاً عدة وضعت نفسها أمام مخاطر مالية كبيرة، ناهيك عن كونها مثقلة بديون هائلة من الصعب إدارتها. وقد يسهم ذلك في زيادة الضغوط على أسعار الفائدة الحقيقية، ويعرقل مسيرة النمو، ويرفع معدلات البطالة إلى مستويات عالية ولفترة طويلة. ويشير التقرير إلى تأثير الركود العالمي على تراجع الاستثمار في البنية التحتية لأمد طويل، وارتفاع تكاليف علاج الأمراض المزمنة، مؤكداً ان هذه المخاطر لم تظهر بين عشية وضحاها، ولكن الركود أضعف قدرة صانعي القرار على مكافحتها على النحو المطلوب. ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فهناك حاجة إلى استثمار 35 تريليون دولار في البنية التحتية على مدى السنوات العشرين المقبلة. وفي هذا السياق، قال كبير مسؤولي إدارة المخاطر في سويس ري راج سينج: «يشكل هذا الوضع خطراً على الزراعة والأمن الغذائي بشكل خاص. فهناك حاجة إلى زيادة إنتاج الأغذية بشكل كبير، لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان حول العالم، علماً أنه يوجد فعلياً الآن بليون شخص يعانون من سوء التغذية. علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى إنفاق بلايين الدولارات على توفير المياه وإمدادات الطاقة ووسائل النقل وتدابير التكيف مع التغير المناخي، ويتعين على الحكومات أن تعمل جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص لتحقيق ذلك. كما يمكن لشركات التأمين أن توفر أدوات لإدارة المخاطر من شأنها أن تضمن المزيد من الاستقرار المالي للمزارعين والقطاع الزراعي». ويبرز التقرير أيضاً أنواعاً من المخاطر لا يتوافر حالياً ما يكفي من الوعي والاستعداد لمواجهتها، بما في ذلك الجرائم الدولية والفساد والخروقات الإلكترونية، وفقدان التنوع البيولوجي. ويشير تقرير «المخاطر العالمية لعام 2010» إلى أن تأثيرات الأزمة المالية والركود الذي أعقبها، أديا إلى وجود رغبة أشد واستعداد أكبر للتعاون والتنسيق لوضع استراتيجيات مشتركة وتطوير حوكمة عالمية أكثر فاعلية من أجل التصدي للمخاطر العالمية. ومع ذلك، حذرت، محررة التقرير مدير ورئيس شبكة المخاطر العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي شينا تامبورجي، قائلة: «إن الأشهر القليلة المقبلة ستشكل اختباراً حقيقياً لرغبة صانعي القرار في العالم ومدى استعدادهم للتعاون من أجل التصدي للمخاطر العالمية. وببساطة، إن العودة إلى «نموذج الأعمال المعهود»، قد تتسبب في تفاقم عدد من تلك المخاطر على المدى الطويل».