حذر أطباء نفسيون من احتمالية امتداد الانعكاسات السلبية لكارثة سيول جدة على المتضررين من الأحياء المنكوبة، إذ قد تدفع بعضهم على الانتحار بعد معاناة نفسية، أو إدمان المخدرات.نتيجة تراكمات نفسية لم تجد العلاج المناسب والمساندة النفسية والمعنوية العلاجية اللازمة، وطالبوا بإنشاء عيادات نفسية خاصة بالمتضررين. وقال الاختصاصي النفسي الدكتور هاني الغامدي ل«الحياة»: «تعتبر حالات القلق والاكتئاب والخوف وعدم الثقة من أبرز الأمراض النفسية التي تصيب المتضررين بعد الكارثة، وممكن أن تؤدي لدى البعض إلى أمراض نفسية مزمنة. تحتاج إلى علاج سريع يجب أن يبدأ بالمتابعة العلاجية السلوكية من وقت الصدمة مباشرة». وأشار إلى أن النساء يُعَدن الأكثر إصابة بالأمراض النفسية بحكم عاطفيتهن، فيما يكون التأثير على الأطفال أكثر من النساء. و لفت إلى أن الكارثة قد تدفع بعض المتضررين إلى الانتحار أو الإدمان وذلك في حال «تقوقع الإنسان على نفسه ولم يلق العلاج المناسب، فمن الممكن بعد فترة من الزمن أن يتوصل إلى قرار الانتحار، جراء تراكمات نفسية قديمة، «وعادة ما ينفذ قلة ذلك القرار». وزاد: «من المفترض حالياً فتح عيادات نفسية خاصة بالمتضررين في كارثة جدة تكون مرجعاً للأكثرية من المتضررين، بهدف تقنين وتوحيد اللغة المستخدمة لعلاج تلك الفئة للحد من ذهاب المتضررين مرة إلى طبيب نفسي و أخرى إلى اختصاصي ومرة إلى ثالث ليس لديه فكرة عن العلاج النفسي، على رغم زعمه ذلك، ولا مانع من قراءة القرآن لأنه شفاء لكل الأمراض، ولكن يجب أن نشرك هذا العلاج بكل التقنيات التي توصل إليها العلم». وفي سياق متصل، قال أستاذ علم النفس الدكتور جمال طويرقي ل «الحياة»: «ينقسم مرض الرهاب بعد الصدمة إلى نوعين، حاد ومزمن. يشمل الحاد أقل من ستة أشهر ويصيب الكبار والصغار، فعند سماع الطفل لصوت البرق أو الرعد تصيبه حال من الهلع والبكاء تخيل لك أنه سيموت ويضطرب حتى الكبار لنفس الشيء، حال رؤيتهم مكان الحادث أو مناظر الموتى ويتجنبون التواجد في مكان أو زمان الكارثة، وإذا لم تتم المعالجة مبكراً قد ينتهي الأمر إلى قلق واكتئاب يصل إلى حد الانتحار، أو الجنون الحاد، نتيجة فقدان أشخاص مقربين من المتضرر المريض». لافتاً إلى تباين إصابة الرجال والنساء والأطفال بالأمراض النفسية بحسب نوعية الحالة، وشدد على ضرورة معالجة الحالات المرضية كافة سريعاً. فيما أكد الطويرقي ضلوع الأمراض النفسية في تنامي عمليات الانتحار ونسبة الإدمان. عرف الاختصاصي النفسي الدكتور محمد الحامد ل «الحياة» مرض كرب ما بعد الحادث بنوبات القلق الشديدة، يستدعي فيها الشخص الحادثة التي وقعت لشخص عزيز عليه أو قريب له غرق في السيول. «ويتكرر هذا الفيلم باستمرار وقد يسمع صوت ذاك الشخص الذي فقده ويصاب بحال من التجنب، أي أنه لا يريد سماع الأخبار أو أي شيء يتعلق بالكارثة، وقد يراوده نوبات قلق شديدة عندما تتلبد السماء بالغيوم ويخيل له تكرار الكارثة مرة ثانية». ولفت إلى ارتفاع عدد المصابين بحالات الاكتئاب والوسواس القهري بعد الكارثة، وتنامي التخيلات والأفكار غير الواقعية لدى المرضى، الذين تحتل النسوة النسبة الأكبر منهم.