أفيد في الجزائر أمس أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير سيزور العاصمة الجزائرية في شباط (فبراير) المقبل للقاء كبار المسؤولين الجزائريين وإجراء محادثات مع نظيره مراد مدلسي يُتوقع أن تتناول مشاكل سياسية وتاريخية تواجه البلدين. وفي وقت أعلن الوزير الجزائري أنه يتم العمل على حل هذه المشاكل، ساءت العلاقات مجدداً مع فرنسا بسبب إقرارها بدورها، بعد الولاياتالمتحدة، لإجراءات تفتيش تعتبرها الجزائر «تمييزية» ضد مواطنيها في مطاراتها. وشرح الوزير مدلسي، أمس، الموقف الجزائري الرافض لقرار الولاياتالمتحدةوفرنسا فرض إجراءات تفتيش دقيقة ضد الجزائريين في مطاراتهما. ووصف سياسة أميركا تجاه الجزائر ب «المتناقضة» على خلفية «تعاطي أميركا إيجابياً معنا في العلاقات السياسية والتعاون في مكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه إدراج مواطنينا ضمن قائمة دول يخضع مواطنوها لإجراءات غير مقبولة». وأعلن مدلسي عن زيارة سيقوم بها كوشنير إلى العاصمة الجزائرية الشهر المقبل، كاشفاً انه بعث برسالة احتجاج إليه و «أوضحت له الإهانة إزاء الجزائر بهذه التصرفات» التي تطاول الجزائريين في المطارات. وتابع وزير الخارجية الجزائري في حديث للإذاعة الحكومية: «يُرتقب أن يقوم كوشنير بزيارة للجزائر الشهر المقبل بعد تأجيلها، وننتظر صراحة أن تسحب فرنسا قرارها من خلال حلول ذات صدقية». ولمّح مدلسي إلى إمكان أن تسوء العلاقات مع كل من فرنسا وواشنطن معاً، قائلاً إن «بناء العلاقات يكون بصفة شاملة وليس في شكل متناقض». وأعلنت الخارجية الجزائرية، قبل يومين، أن مدلسي استدعى سفير الولاياتالمتحدة في الجزائر ليبلغه «احتجاجاً شديداً» ضد الإجراءات التي تطال المواطنين الجزائريين. وعرض مدلسي أهم ما يعيق علاقات بلاده بفرنسا حليفها التاريخي، قائلاً: «علاقاتنا فعلاً مع فرنسا جيدة على الصعيد الإنساني والاقتصادي ونريد تقوية ذلك من خلال استثمارات خارج مجال المحروقات». وطالب بأن «توضح فرنسا موقفها وتعطينا الأرشيف الذي نطالب به للفترة الاستعمارية ... ردهم كان جزئياً، لكنني أطلب من كوشنير فتح الملف بالكامل. وحتى الساعة لا تقدّم الحكومة الفرنسية جواباً واضحاً، وهذا لا يسهّل العلاقات بين البلدين». على صعيد آخر (لندن - «الحياة»)، أكد الناشط القبائلي الجزائري فرحات مهني أن التظاهرات السلمية التي نُفّذت أول من أمس في تيزي وزو وبجاية والبويرة طالبت بمنح السكان الأمازيغ حكماً ذاتياً «على غرار الأنظمة الديموقراطية». وأوضح في تصريح إلى «الحياة» من مقر إقامته في باريس أن السلطات الجزائرية اعتقلت تسعة ناشطين أمازيغ ثم أفرجت عنهم. واعتبر التحركات الشعبية في منطقة القبائل بأنها «انتفاضة شعبية ضد الإقصاء وعدم التسامح»، مشيراً الى أن أكثر من عشرة آلاف من الأمازيغ الجزائريين شاركوا في تظاهرات الثلثاء في مناسبة عيد رأس السنة الأمازيغية. وأكد ان هذه التظاهرات تعتبر الأكثر تعبيراً عن التململ في أوساط القبائل منذ «انتفاضة ربيع 2001». وانتقد مهني ربط حادث تعرضت له إحدى الكنائس البروتستانتية في تيزي وزو بحركته التي قال إنها تتوخى النضال السلمي للدفاع عن حقوق السكان الأمازيغ في مواجهة ما نعته ب «التهميش والإقصاء». وقال فرحات مهني انه اضطر الى مغادرة البلاد منذ عام 2004، بخاصة بعد التصفية الجسدية التي تعرض لها نجله أمزيان في وقت سابق، ويجاهر مهني منذ سنوات بدعوته إلى حكم ذاتي للأمازيغ الجزائريين. لكن معظم الناشطين الأمازيغ يبدون تمسكهم بوحدة الجزائر ويدعون الى تمتيعهم بحقوق كاملة ومتساوية «من دون أي خلفيات عرقية».