قُتل عالم نووي إيراني أمس، بتفجير دراجة نارية نُفذ عن بُعد قرب منزله في طهران، واتهمت إيران إسرائيل والولاياتالمتحدة بالوقوف وراءه، مؤكدة أن اغتياله سيسرّع برنامجها الذري. وقال مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي إن مسعود علي محمدي وهو أستاذ الفيزياء النووية في جامعة طهران، قُتل بتفجير دراجة نارية مفخخة تم التحكم به عن بعد، وكانت مركونة قرب سيارته أثناء خروجه من منزله في منطقة قيطرية شمال العاصمة. وأضاف: «من المرجح نظراً الى أن الشهيد مسعود علي محمدي كان عالماً نووياً، أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية وبعض عملائهما، متورطين في اغتياله». وأشار الى أن جثة محمدي «نُقلت لتشريحها وفُتح تحقيق لاكتشاف المسؤولين عن الانفجار ودوافعه»، موضحاً انه «لم يتم توقيف أي مشتبه بهم في الوقت الحاضر». وأعلن الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست أن «عناصر التحقيق الأولية تكشف عن مؤشرات الى تحرك شرير لمثلث الولاياتالمتحدة والنظام الصهيوني ومرتزقتهما، في هذا الاعتداء الإرهابي». وأكد أن «هذه الأعمال الإرهابية وتصفية علماء نوويين إيرانيين، لن تعرقل بالتأكيد برنامج إيران النووي بل على العكس ستسرّعه». ونقلت وكالة «بورنا نيوز» التابعة لوكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) عن «مصادر مطلعة»، أن محمدي (50 سنة) كان من «العلماء النوويين البارزين في البلاد». وأفادت وكالة «فارس» وقناة «برس تي في» بأن «الجمعية الملكية الإيرانية» المتمركزة في الخارج، أعلنت على موقعها الإلكتروني مسؤوليتها عن اغتيال محمدي. لكن تلفزيون «العالم» الإيراني رجّح أن يكون التفجير من «تخطيط النظام الصهيوني أو تنفيذ المنافقين» أي «مجاهدين خلق» أبرز منظمة إيرانية معارضة للنظام في الخارج. وأفاد موقع «تابناك» المحافظ بأن «مجاهدين خلق» نفذت العملية، بتوجيه عملاء إسرائيليين. لكن «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» وهو الجناح السياسي ل «مجاهدين خلق»، أكد أن «ربط هذا الاغتيال بمجاهدين خلق هو من باب التلفيق البحت»، معتبراً أن الاتهامات الإيرانية «تمهد لعمليات إعدام معتقلين سياسيين مؤيدين لمجاهدين خلق». وصدرت معلومات متضاربة حول الانتماء السياسي لمحمدي، إذ أفاد التلفزيون الإيراني بأنه «كان أستاذاً ثورياً وملتزماً، ومناصراً مخلصاً للثورة الإسلامية، استُشهد في اعتداء إرهابي نفذه أعداء الثورة وعناصر تابعون للاستكبار العالمي». ونقلت وكالة «فارس» عن أحد تلاميذه قوله إن محمدي عمل مع «الحرس الثوري» حتى عام 2003. كما اعتبرت ميليشيات الباسيج (متطوعو الحرس الثوري) محمدي «شهيداً»، مشيرة الى انه عمل في جامعتي «الأمام الحسين» و «مالك أشتر» المرتبطتين بال «الحرس». أما عميد كلية الفيزياء في جامعة طهران علي مقري، فأكد أن محمدي لم يكن منخرطاً في «أي نشاط سياسي». وقال: «كان أستاذ فيزياء معروفاً عالمياً، وله عدد من المؤلفات». لكن مواقع إلكترونية عدة تابعة للمعارضة، أكدت أن محمدي كان مؤيداً للمعارضة، مشيرة الى أن اسمه كان ضمن مئات الأكاديميين الذين أصدروا بياناً لدعم المرشح الإصلاحي الخاسر مير حسين موسوي خلال الحملة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) الماضي. وأعلن الناطق باسم «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي شيرزاديان إن محمدي لم يكن يعمل لمصلحة الهيئة، مشيراً الى انه «لم يكن مشاركاً في البرنامج النووي الإيراني». وكان محمدي عضواً في عدد من الهيئات الأكاديمية، وحصل عام 1992 على أول شهادة دكتوراه في الفيزياء النووية تُمنح في إيران، من جامعة شريف للتكونولوجيا. وأشرف على 150 بحثاً علمياً، كما شارك في أكثر من 200 دراسة أكاديمية في المجال النووي، عُرضت في مؤتمرات وورشات عمل دولية. وأظهر الموقع الإلكتروني لجامعة طهران أن آخر أبحاثه كان حول طبيعة «الطاقة المعتمة»، وهي إحدى النظريات الخاصة بعلم الكون. وقال مارك فيزباتريك أبرز محللي انتشار الأسلحة النووية في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» في لندن، إن إسرائيل قتلت في السابق أشخاصاً يعملون في برامج نووية تعتقد أنها معادية. لكنه أشار الى إن من غير المرجح أن يكون اغتيال محمدي «جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أو أميركية لحرمان إيران من عقول عملية تخصيب اليورانيوم. وهناك الآن كثير جداً من العلماء والمهندسين ممن لديهم الخبرة المطلوبة».