ربما يختلف الخليجيون في أشياء عدة، لكن إذا ما تعلق الأمر بالعادات الرمضانية فإن الاتفاق سيكون السائد والأكثر. وفى دولة الكويت مازالت العادات الأصيلة باقية يتذكرها الآباء ويتناقلها الأبناء كل عام، لتبقى فى الذاكرة وتشكل رمزاً شعبياً، ومن بين تلك العادات الزيارات العائلية وتبادل «الغبقات» وعادة «أبوطبيلة»، وهي شخصية رمضانية كانت ذائعة الصيت فيما مضى في الكويت. ويقول أحد المهتمين بالتراث الكويتي محمد طاهر الموسى: «العادة جرت قديماً على أن يقدم أهل الفريج أو الحي لأبوطبيلة ما تيسر نظير خدماته؛ مثل القمح أو السكر أو الرز أو المال، وأحياناً كان الأطفال والشباب يخرجون وراءه يرددون الأغاني والأناشيد». ومن العادات الكويتية التي لا تقتصر على شهر رمضان المبارك، بل تستمر طيلة أيام السنة هي «الديوانية» التي تطلق على قسم من أقسام البيت، لكنه بمدخلين؛ أحدهما للداخل والثاني للخارج، وتخصص للقاء الأصدقاء والأهل والضيوف. مشيراً إلى أن أبوطبيلة لُقب بذلك لأنه كان يحمل طبلة يضرب عليها وهو ينشد ويدعو أثناء تجواله في الأحياء والسكك لإيقاظ الناس للسحور». ولفت الموسى إلى اهتمام أهل الكويت بالديوانية في أيام رمضان، والتي تمتاز عن بقية الأيام بتقديم «الغبقة»، وهي من الوجبات الخفيفة، وجاء لفظها من «الغبوق» وهي من مفردات اللغة العربية الفصحى، وتعني ما يتناوله المرء ليلاً من اللبن والتمر. لافتاً إلى أن الديوانية في رمضان تمتاز بتقديم وجبة السحور، واستكمالاً لدورها في رمضان فإن بعض العوائل الميسورة تتعاقد مع أحد رجال الدين يقرأ عليها ورداً من القرآن الكريم والحديث النبوي، أو السيرة الشريفة، ومواعظ النصح والإرشاد». ويذكر الموسى أن للديوانية تاريخاً قديماً في الكويت، وكانت ولاتزال بمنزلة منتدى يجمع أبناء المنطقة، يلتقون فيها ويتحدثون، ويقدم لهم الشاي والقهوة وحتى الطعام. بعض الزوار كانوا يأتون بأبنائهم ليعتادوا على طبيعة الحياة الاجتماعية، وكان الجالسون يحرصون على حسن الحديث وتبادله والإفادة منه، وبعض الديوانيات كانت تفتح يومياً من بعد صلاة المغرب حتى صلاة العشاء وأخرى بعد صلاة العشاء إلى وقت متأخر من الليل، وبعض الديوانيات تفتح بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، إلى أن يذهب الناس إلى أعمالهم. ويشير عبدالجليل البقشي إلى أن عادة «القرقيعان» هي الأخرى تجمع دول الخليج، إذ يلتقي الأطفال في ليلة النصف من رمضان للتجول في الشوارع والطرقات، ويطرقون الأبواب حاملين أكياساً ويتغنون لأهل البيت، مرددين بعض الأهازيج والأغانى. ويتجمعون مع «أبوطبيلة»، وخصوصاً في آخر أيام رمضان المبارك، ينشدون معه ويطوفون الأحياء والفرجان التي يتردد عليها وقت السحور. وأوضح أن أهل الكويت كانوا عادة في ليالي العشر الأواخر من رمضان يتجمعون لزكاة الفطر، فيمر أبوطبيلة على البيوت. ويستعد الكويتيون في الأسبوع الأخير من رمضان لاستقبال عيد الفطر المبارك بالملابس الجديدة وصناعة الحلوى والسمبوسة لتقديمها لضيوفهم ليلة العيد وفي صباح أول أيامه فتنصب «القدوع» وهو صحن كبير يتصدر مجلس الضيوف.