هل أخطأت يا أمي لأن بركان الغضب أنفجر داخلي وتركت دموعي تحكي بصوت عالٍ عما يحدث لي؟ هل أخطأت لأني تكلمت وصرخت وارتفع صوتي حين ارتميت في أحضان مشرفتي الحنونة التي طمأنتني أنها ستحمينني من أقرب الناس لي؟ هل أخطأت لأنني ضقت ذرعاً بجسدي الصغير وما يحدث له من انتهاكات صارخة لا يرضى بها إنسان على وجه هذه الأرض إلا من فقد المرؤة والشهامة والنبل؟ لا يرضى بها إلا من تربى في بيئة ترى أن كل البنات جوارٍ وملك يمين، وأن أجسادهن رخيصة فليعبث بها من يعبث حتى ولو كانوا أقرب الناس لي؟ كائنات ترى أنني لا حق لي في الاعتراض ولا حتى الصراخ؟ فهل كنت تسمعين صوتي يا أمي؟ وهل كنت تشعرين بي؟ هل خوفك من الطلاق يجعلك تصمتين عما يحدث لضناك؟ أي أسرة تخافين عليها من التشرد والضياع؟ الضياع هو ما عشته وعاشت فيه أخواتي من قبلي؟ فهل تلومينني الآن؟ لأني فضحت ستركم وسمعة الأسرة الكريمة، التي بخلت على بناتها بالكرامة والعزة وصون الجسد الذي توقعت مخطئة أنها من واجباتكم. مخطئة أنا يا أمي لأني كنت أغبط صاحباتي على آبائهن وإخوانهن وأمهاتهن اللائي يحمينهن بكل قوة. مخطئة لأني لم أعد أقوى على المزيد من التحمل، مخطئة لأني توقعت أنك ستدافعين عني بشراسة حتى لحمايتي ممن تطلقين عليه أبي؟ ممن كنت تخافين ولماذا؟ كنت وما زلت أضحك بشدة عندما كنت تأمرينني بتغطية وجهي وشعري بكل قسوة على رغم أنك تعلمين ماذا يحدث لي في منزلنا وبين جدرانه. فهل لشعري (حُرمة) في حين أن جسدي الغض متاح؟ سؤال أرجوك أن تجيبي عليه؟ هذه رسالة مختصرة من ضحية اغتصاب المحارم الذي ذاع صيته أخيراً على رغم محاولات التكتم الحثيثة من البعض! هذه الأم من علّمها أن الأمومة صمت مرير وتغاضٍ لا نهائي؟ لماذا لم يخبرها البعض أن الجبناء يخافون من الصوت العالي، وأن لا شيء في العالم يعوض فتاة صغيرة من صدر أم قوية تذود عنها بأظافرها إن تطلب الأمر؟ أجد نفسي في نهاية مقالي الحزين هذا لا يفوتني إلا أن أشكر المرشدة الطلابية الشجاعة، التي أبت السكوت واستطاعت تصعيد القضية حماية للفتاة الصغيرة من بيئة غير صالحة للعيش الآدمي، والذي يتطلب الكرامة وحماية الأجساد من أقرب البشر!