تضاعفت فرحة المسلمين الجدد باستقبال شهر رمضان المبارك، وخوض أول تجربة لهم في الصيام بعد أن من الله عليهم باعتناق الإسلام، واستثمار هذا الشهر الفضيل في التقرب إلى الله عز وجل ونيل غفرانه، وترّقب ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. «واس»، التقت عدداً من المسلمين الجدد في منطقة تبوك الذين اهتدوا إلى دين الله في شعبة دعوة وتوعية الجاليات بتبوك، ورصدت انطباعاتهم ومشاعرهم حول فريضة الصيام، ليستهل الدكتور محمد عيسى من الفيليبين الحديث مستفيضاً في وصف مشاعر فرحته بدخول الإسلام، وتجربته الأولى للصيام، مبيناً أنه بحث عند دخوله الإسلام ما يتوجب على المسلم تجاه كل أمور دينه، خصوصاً تجاه صوم رمضان الذي لا يصح إسلام أحد إلا به، ولفت انتباهه أن الصوم يستوجب الامتناع عن تناول الطعام والشراب طوال أيام شهر رمضان، وهو أمر لم يستطع استيعابه في أول الأمر لكنه مع الإعلان عن دخول الشهر الفضيل بدأ الصوم متوكلاً على الله عز وجل، وهو إلى الآن يشعر بالسعادة بهذه الخطوة الروحانية العظيمة. ويصف الدكتور عيسى تجربته في الصوم قائلاً: «لما مضى على صومي الأول أكثر من تسع ساعات شعرت بتعب شديد، ولكني واصلت الصوم ولسان حالي يردد: سأواصل هذه التجربة لأكمل أحد أركان الإسلام الخمسة وأهمها، ولن أتراجع أبداً في ما عزمت عليه، والحمد الله أكملت الشهر صائماً بعد أن تخطيت تعب الأيام الأولى منه، وأصبح الصوم عندي من أحب العبادات». وفي سياق وصف امتزاج فرحة الدخول في الإسلام والصوم، قال محمد البيان آسيوي الجنسية الذي يعمل مزارعاً بإحدى المزارع في مدينة تبوك: «لا يجد المسلم بالفطرة صعوبة في صوم شهر رمضان، ولا في فهم أسباب فرضه عليه، لكن لا أحد منا كمهتدين جدد يتخيل نفسه يقضي يوماً كاملاً بلا طعام وشراب في ظروف مناخية عادية، ناهيك عن استيعابه للصوم في درجات حرارة تلامس الأربعين، كما هو الحال في تبوك». وأفاد محمد البيان بأن تجربة الصوم الأولى له كانت مزيجاً من الفرح بإقبال شهر الخير، والخوف من الفشل في تحمل مشقة وتعب الصوم في أجواء يحتاج فيها الجسم إلى الشراب والأكل خلال العمل، مضيفاً: «كنت كلما عطشت أو أرهقني التعب، أتذكر عظم الأجر، ورغبتي الصادقة في طاعة الله والامتثال لأوامره، فيزول عني التعب، وهكذا حتى أتممت اليوم تلو الآخر إلى أن أصبح الصوم عبادة لا تفارقني، واعتدت على صوم الأيام البيض من كل شهر، وذلك منذ أن من الله علي بالإسلام وبصوم رمضان قبل أكثر من 3 سنوات مضت». أما آلن كلوب من الهند الذي اسمى نفسه بعد الإسلام «محمد» فقد أشار إلى أن بداية الصوم بالنسبة له كانت صعبة نظراً لظروفه الخاصة التي تجبره كل يوم على قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام والعمل في أوقات شاقة، إضافة إلى كونه حديث عهد بالإسلام. وقال محمد: «اعتنقت الإسلام منذ ثلاثة أشهر، وتعلمت الكثير عن فضل الصيام، وأنا الآن أصوم مع إخواني المسلمين، وواجهتني ولا تزال مشكلة التعب في نهار رمضان لكن قلبي معلق بالدين، ولن أتراجع ما دام ملايين المسلمين يستطيعون الصوم في مثل هذه الظروف». ومن جهته، أوضح مدير شعبة دعوة وتوعية الجاليات بمنطقة تبوك سالم بن محمد باطرفي، أن الصعوبات التي تعترض المسلمين الجدد أثناء تجربتهم الأولى لصوم شهر رمضان تقتضي مساعدتهم للثبات على دينهم، فالمسلم العادي تعود على صيام شهر رمضان حتى أصبح جزءاً من حياته، عكس المسلم الجديد الذي يعيش التجربة للمرة الأولى، ويعمل في قطاعات يتطلب العمل فيها بذل مجهود بدني كبير. وقال باطرفي: «هؤلاء الإخوة الجدد يتعرضون لكثير من الضغوط النفسية والعملية الناتجة عن مواجهة الحياة الجديدة واختبار الإرادة، والالتزام بالكثير من الواجبات التي لم تكن واجبة عليهم. ولفت النظر إلى أن من الصعاب التي تواجه المسلمين الجدد هي التي جعلت شعبة وتوعية الجاليات في منطقة تبوك تعمل على مساعدتهم لتجاوزها، خصوصاً ما يتعلق بصوم شهر رمضان، وذلك من خلال إقامة عدد من البرامج المتمثلة في إفطار الصائم، والبرامج التوعوية، وبرامج العمرة الرمضانية، والدورات التدريبية والتعليمية». وفي ما يخص البرامج التي تنفذها الشعبة لخدمة المسلمين الجدد قال باطرفي: «أسلم أكثر من 200 شخص خلال 8 أشهر فقط، ومنها الكلمات الوعظية التي قاربت410 كلمة منذ مطلع هذا العام وحتى الآن، كما أن الشعبة قامت بعمل أكثر من114 جولة دعوية و37 زيارة ميدانية، وتوزيع (2359) كتيباً، إضافة إلى توزيع المطويات التوعوية والتثقيفية التي قاربت 1650 مطوية، إضافة إلى استفادة 199 من المسلمين الجدد من برنامج العمرة. وأكد باطرفي أن شعبة دعوة وتوعية الجاليات في منطقة تبوك تهتم بعقد الدورات والمحاضرات المستمرة لمن دخل في الإسلام حديثاً، وتأهيل من يرغب أن يكون داعياً في المستقبل، مثلما تواصل الشعبة دورها الدعوي المناط بها في المنطقة، من خلال إقامة البرامج الدعوية المتنوعة مثل رحلات العمرة للمسلمين الجدد والرحلات الترفيهية التربوية التعليمية، والمحافظين على الدورات العلمية.