يتابع الجمهور الهتم، كل ليلة برنامج الإعلامي أحمد المسلماني على قناة «دريم» 2 «الطبعة الأولى» الذي يعلق فيه على أقوال الصحف وأحداث اليوم وتحركات المسؤولين بأسلوب مختلف عما هو سائد في الأثير الفضائي. أسند برنامج «الطبعة الأولى» للمسلماني بعد رد الفعل الإيجابي لبعض حلقات برنامج «القاهرة اليوم» على قناة أوربيت والتي شارك فيها المسلماني التقديم مع الإعلامي عمرو أديب للتعليق على الصحف اليومية ما ساهم في لفت الأنظار إليه. وعن ذلك يقول المسلماني ل «الحياة»: « قدمت بعض الحلقات في «القاهرة اليوم» بصفتي صحافياً في جريدة الأهرام، لذا أعتقد أن الحلقات التجريبية لبرنامجي انطلقت من «القاهرة اليوم». وإذ يرى المسلماني صعوبة في تقليد برنامجه أو مقارنته مع برامج عرض الصحف الأخرى يقول: «يمكن تقليد مذيع ما وربما التفوق عليه بسرعة، والأمر نفسه على مستوى البرامج لكن «الطبعة الأولى» ليس برنامجاً بالمعنى الحرفي للكلمة»، ويردف: «قد تكون البرامج الحوارية أكثر انتشاراً من برنامجي، وقد يكون لمحمود سعد ومنى الشاذلي وعمرو أديب جماهيرية وشهرة أكبر، لكن نوعية برامجهم مختلفة عن نوعية ما أقدمه لذا فإن المقارنة ستكون غير عادلة. أنا محلل سياسي ولست مذيعاً، كما أن «الطبعة الأولى» مختلف عما سائد الآن، ولا توجد تقريباً هذه الصيغة البرامجية إلا لدى الأستاذ محمد حسنين هيكل، مع الفارق الكبير بيني وبين الأستاذ في الخبرة وغيره. ومع هذا يمكن التفوق على «الطبعة الأولى» ببرنامج آخر لمحلل سياسي آخر على المستوى نفسه أو افضل». نشر الغسيل ولا يخفي المسلماني أن الفضائيات المصرية تنشر المساوئ والسلبيات على الملأ. وهو ما أثر سلباً على سمعة مصر بينما تلفزيون الدولة يهتم بالحسنات فقط في حين أن العكس هو المفروض حدوثه كما في بريطانيا على سبيل المثال. ينقسم برنامج «الطبعة الأولى» إلى افتتاحية مع عرض لحوالى 60 خبر في 3 أو 4 دقائق ثم تحليل سياسي محلي للشأن المصري يعقبه 3 دقائق للتعليق على الشأن الخارجي، كما يتم إبراز حوالى 20 خبراً عبر الصور فقط خلال دقيقتين. ويرى المسلماني أن هذا التنوع قد خلق قاعدة جماهيرية كبيرة ومتشعبة للبرنامج، «قد يحتج شخص ما على خبر يخص الإخوان المسلمين، وآخر ينتقد تعليقي على مباراة مصر والجزائر، وثالث لا يروق له بيت شعر قلته، وهكذا. ومع هذا فإن بساطة البرنامج جذبت الجمهور». وبعد أن يفسر السبب في وقف برنامجه عن البث قبل عودته من جديد، ويبدي ألمه لذلك يشير المسلماني إلى أن هذه المحنة أكسبته صدقية، مؤكداً أن أسلوبه على الشاشة لم يتغير بتاتاً حتى إن أول طلة له بعد التوقف استهلها ب «رجعنا بنفس المستوى من الحرية». لكن في ظل الزخم الإعلامي الذي يلف مصر والجرأة في طرح مواضيع كانت بمثابة تابوات، هل أضحى نقد الإعلامي للسلبيات والتقصير يؤتي ثماره أم مجرد لغو لا يجدي نفعاً؟ يجيب: «لا أعلم كيف كان سيضحى الوضع في مصر من دون البرامج التي تنتقد المساوئ والسلبيات، فهناك بعض تجاوزات تم إصلاحها وخطاب سياسي تغير، بعد نقد وُجِّه عبر «الطبعة الأولى» لكن يمنعني الحرج أن أقول إن الوزير فلان عدل موقفه أو عدل خطابه السياسي». الحرية السياسية ويرى المسلماني أن مصر تحتاج إلى حرية سياسية وليس فقط الى حرية إعلامية لأن «حرية الإعلام في مصر أكبر من أحلامنا. لكن هناك نقصاً في ما يتعلق بالحياة السياسية وحرية الأحزاب. على العكس، أنا خائف على مصر من نفوذ بعض الإعلاميين، إذ أن بعضهم يبدو غير مؤهل لقيادة التغيير السياسي في مصر فهم قد يكونون جيِّدين في إداراة الحوار أو عرض قضية ما، لكنهم غير مؤهلين لتبني رؤية أو طرح خيارات وبدائل أو توجيه النخبة السياسية الحاكمة أو حتى الرأي العام، وبالتالي قد تقود هذا النخبة من الإعلاميين مصر إلى الهاوية». ويوضح المسلماني أنه ضد وثيقة البث الفضائي لكنه مع تفعيل ميثاق الشرف الصحافي لأنها الوثيقة متخلفة – بحسب رأيه - صاغها أشخاص غير جديرين، ووزراء إعلام غير مؤهلين لصياغة ميثاق إعلامي لعدم وجود فكر أو ثقافة أو رؤية سياسية، لذا من الأفضل أن يحال هذا الميثاق إلى المفكرين العرب لصياغته أو اعتماد ميثاق بي بي سي على أقل تقدير». ولدى سؤاله عما إذا كانت القنوات التلفزيونية التي يطلقها رجال أعمال أنشئت لخدمة أهداف معينة، يجيب: «هناك نظرية اقتصادية بسيطة تقول إن أي شخص لديه وضع اقتصادي لا بد أن يحميه، وجزء من اجتهادات حماية رأس المال هو دخول مجلس الشعب، أو السلطة التنفيذية أما الاجتهاد الأسهل فهو الحماية الإعلامية لمشروع رأس المال. وبعض رجال الأعمال في مصر يطلقون قنوات لرسالة تثقيفية وللمكسب، ومنهم من يطلق قناة من دون التفكير في دراسة الجدوى لأن القناة لن تكلفه الكثير. وأنا أقبل إطلاق قناة للوجاهة لكن ما لا أقبله أن تكون القناة سبب تخلف ديني أو تخريب أخلاقي أو تكريس للعمالة لدولة أجنبية». وعن الصراخ والتعصب الذي يجتاح الحوار في الفضائيات الآن، يقول المسلماني: «قناة «الجزيرة» أطلقت خرافة «الرأي والرأي الآخر» ما أدى إلى تمزيق العقل العربي والرأي العربي حتى باتت كل القضايا الاجتماعية والسياسية في العالم العربي رأياً ورأياً آخر. وأعتقد أن قناة «الجزيرة» هي سايكس بيكو جديدة. صحيح انها مشروع ناجح مهنياً وهي «سي ان ان» العالم العربي، لكن من الناحية السياسية هي سايكس بيكو لتمزيق العالم العربي وبالفعل نجحت في ذلك». ومحاكاة لها تأثرت برامج عدة في مصر والعالم العربي ب «إعلام فرش الملاية والردح المتبادل» وهو أمر مقلق. ويؤكد المسلماني أن اتجاه الصحافيين إلى التقديم التلفزيوني يعود لأسباب منها الشهرة، لأن الصحافة المطبوعة توزيعها أقل بكثير جداً من الصحافة المرئية، «أي إعلامي غرضه الانتشار، ومن حقي أن أكون مشهوراً، وكلما كان الإعلامي مشهوراً كلما كان أكثر تاثيراً، والشهرة معيار للنجاح».