أفاد تقرير أصدرته مؤسسة «بوز أند كومباني» الأميركية أمس بأن قطاع الاتصالات، باستثناء الشركات المصنعة للتجهيزات والهواتف، تمكّن من تفادي أسوأ نتائج الركود الذي أصيب به الاقتصاد العالمي ويتجه إلى التعافي منه. وأضاف أن إيرادات المشغلين حافظت على ثباتها على المستوى العالمي، باستثناء إيرادات الهواتف الخليوية، في وقت ساهمت الجهود المستمرة لخفض التكاليف في تمكين المشغلين من الحفاظ على الربحية. وأشار رئيس قطاع الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا العالمي في الشركة كريم صباغ الى ان «قطاع الاتصالات يدخل في مرحلة من التغيير الكبير خلال السنوات المقبلة، إذ يركز على خمس تغييرات، على مستوى الجغرافيا والخدمات والانتقال نحو الخدمات الرقمية والعمليات والتنظيم». وتوقع ان تحظى الشركات التي تستفيد من هذه التغييرات «بفرص حقيقية للنمو، أما تلك العاجزة عن ذلك، فتواجه تحديات كثيرة». ورجّح التقرير ان يتحول معظم النمو في قطاع الاتصالات من الأسواق الغربية إلى الدول النامية. ويتجلّى هذا التوجّه بين مصنّعي الهواتف الذين يصنعون معظم أجهزتهم في آسيا والمحيط الهادئ. وفي ما يتعلق بالمشغّلين، توقع التقرير ان يسجّل معظم النمو على مستوى الاشتراكات خارج الدول الغربية. وسجلت الهند 142 مليون اشتراك إضافي خلال النصف الأول من عام 2009، والصين 87.4 ملايين، في حين لم تسجل الولاياتالمتحدة سوى 14 مليوناً. ورجّح المدير الأول في «بوز أند كومباني» هلال حلاوي ان يحقق مطورو قطاع الاتصالات في القارة الآسيوية معدلات استثنائية من العائدات قبل احتساب الفائدة والضرائب تتعدّى معدل 50 في المئة. وأشار الى ان معدلات النمو والسيولة هذه تساهم في تغيير مستوى عمليات الدمج والشراء ونشاط التوسّع على الصعيد العالمي، في وقت يبدو فيه النشاط عبر الحدود بالنسبة إلى المشغلين الأميركيين مهملاً، ومتقطعاً في أوروبا، بينما تستمر شركات الاتصالات في أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى في عقد اتفاقات لتوسيع تأثيرها في مساحات أكبر من الأراضي، حتى في دول الغرب. ويشهد قطاع الاتصالات حركة توسّع سريعة، من التوصيل والخدمات الأساسية إلى الهواتف ذات الأسعار المتدنية، مروراً بتجهيزات الربط الشبكي والشبكات بحد ذاتها. ويقدّم مصنعو التجهيزات خدمات الربط الشبكي والعمليات الميدانية، فيما يصمم مصنعو الهواتف أجهزة ذكية ذات نوعية عالية مدعومة بخدمات إضافية وبمواقع إلكترونية لتحميل تطبيقات الهواتف، ويتجه المشغّلون نحو تأمين المزيد من التطبيقات على الانترنت للزبائن، بالإضافة إلى عقد اتفاقات حول المحتوى الإلكتروني. وما يزال مطوّرو خدمات الانترنت، أمثال «غوغل» و«فايسبوك»، يعززون منتجاتهم في قطاع الاتصالات. ويتوقّع دخول مزيد من وسائل الإعلام وشركات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في هذا المجال. وعلى رغم وضوح هذا التوجّه نحو الخدمات، ما يزال يعتبر في مراحله الأولية. ويقول حلاوي في هذا الصدد: «يقدّم هذا التوجه الكثير من فرص النمو لأكثر المطورين ابتكاراً، بالإضافة إلى القدرة على تعطيل نشاط المطوّرين الآخرين العاجزين عن اللحاق بركبه». وفي حين يتجه مطورو قطاع الاتصالات نحو إضافة مزيد من الخدمات التي تتطلب شبكات ذات سرعة أعلى، يستعدّ عدد كبير من صانعي السياسات والهيئات الناظمة حول العالم إلى دعم هذه الجهود، فلم تعد أيديولوجية الأسواق الحرة، في رأي «بوز أند كومباني»، هي صاحبة السيطرة المطلقة على الجهات الناظمة، وإنما أصبحت هذه الهيئات أكثر إرشاداً وتدخلاً في السعي إلى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال نشر شبكات «النطاق العريض»، والتدخل مباشرة في بعض الحالات في استثمارات كهذه. وتوقع التقرير ان تستمر الجهات الناظمة في عدد من المناطق ببذل جهود لتحرير أسواق محددة، كخدمات الاتصالات بالتجزئة وبالجملة في أوروبا، وضمان مزيد من «الحيادية»، ما يحقق استخداماً عادلاً للانترنت من قبل المطورين كافة. ونصح التقرير مطوري قطاع الاتصالات والمشغّلين بالتفكير بعمق في نماذج الأعمال المعتمدَة لديهم، وفي كيفية تملك أصول أو الاستفادة من الابتكار الخارجي عبر اتفاقات تعاونية.