عرف العرب والمسلمون منذ القدم جزر الفيليبين وأطلقوا عليها اسم «جزر المهراج»، وتقع الفيليبين في جنوب شرقي آسيا على شكل أرخبيل يضم أكثر من سبعة آلاف جزيرة، تتفاوت في مساحتها تفاوتاً كبيراً، ومعظمها غير مأهول بالسكان، وتعتبر الفيليبين جزءاً من أرخبيل الملايو الذي يضم ثلاث دول، وهي: إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، وهي الدول العامرة بالخيرات والثروات الطبيعية ما جلب عليها أطماع الدول الأوروبية. بدأ الإسلام في جزر الفيليبين في منتصف القرن الثالث الهجري عن طريق التجارة، وربما كان وصول أوائل المسلمين إلى تلك الجهات يعود إلى عام 270ه، ولمَّا وَجَدوا الأرض بكراً وصالحة للدعوة بدأ الدعاة يَفِدون إليها، ثم انتقلوا إلى الجُزُر الوسطى في القرن الخامس، وبُني أوَّل مسجد في جُزُر صولو عام 679ه. انتشر الإسلام بصورة كبيرة في الفيليبين حوالى سنة (800ه - 1380م) ورافق ذلك زيادة في قدوم الدعاة، وكان الدعاة والتجار عرباً وهنوداً وماليزيين وإندونيسيين. وكان التجار العرب من الحجاز واليمن وحضرموت عندما كانوا يقومون برحلاتهم الشهيرة إلى الصين، ومن هذا التاريخ بدأ الإسلام ينتشر من الشمال إلى الجنوب، ولم يأتِ القرن العاشر حتى كانت الجُزُر كلها تحت سيطرة إمارات مسلمة، أشهرها: - سلطنة صولو: التي كانت تشرف على أكثر إمارات وممالك الجنوب، وكان أول من تولى السلطة فيها الشريف الهاشمي أبو بكر، وهو قادم إلى الفيليبين من حضرموت. - سلطنة مانداناو: التي تولاها السلطان الشريف محمد فبونصوان (محمد كابونسوان)، وهو قادم من ولاية (مالكا أو ملقا)، وقيل: إن أباه عربي وأمه من مالكا. - مملكة أمان الله: التي غيرها الغزاة بعد ذلك إلى مانيلا، وتشرف على إمارات وممالك الشمال في مانيلا، وأول سلطان لها رجا سليمان. سلطنة ماكتان: وكان من أشهر سلاطينها السلطان المسلم لابو لابو. «معركة ماكتان» كما كان فاسكو دي جاما أشهر بحارة البرتغال ومكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، كان فرناندو ماجلان أشهر بحارة إسبانيا، ونظراً للتنافس الكبير بين إسبانيا والبرتغال قررت الأولى إرسال حملة بحرية تدور حول أفريقيا لتكتشف طريقاً جديداً للتجارة يصلون خلاله مباشرة إلى مناجم الثروات الطبيعية في جنوب شرق آسيا دون المرور على المراكز البرتغالية، التي تتحكم في حركة التجارة العالمية وقتها، خرج ماجلان بحملة بحرية مكونة من خمس سفن وطاقم مكون من 265 بحاراً، لاكتشاف الطريق الجديد، وذلك في أواخر سنة (925ه - 1519م)، فظل في رحلته البحرية طيلة عشرين شهراً في غير فائدة حتى استبد اليأس بقلبه، وأخيراً رست سفن ماجلان على سواحل الجزر الفيليبينية. انتقل ماجلان من جزيرة سيبو إلى جزيرة ماكتان، وكان عليها السلطان المسلم لابو لابو، فما علم الإسبان بإسلام أهل الجزيرة إلا وأصابهم الغضب الشديد وثارت أحقادهم، فأضرموا النار في بيوت السكان وسرقوا مؤنهم، ورفض لابو لابو التسليم والخضوع للعرض الذي قدمه ماجلان كما فعل مع (هومابون)، فحشد ماجلان قواته وقرر تأديب لابو لابو حتى يكون عبرة لغيره من الأمراء والسلاطين. خطب ماجلان بكل صلف في أهل جزيرة ماكتان قائلاً: «باسم المسيح أطلب منكم التسليم، ونحن العرق الأبيض أصحاب الحضارة أولى منكم بحكم هذه البلاد». فأجاب السلطان لابو لابو بكل عزة وشموخ: «إن الدين لله، وإنَّ الإله الذي أعبده هو إله جميع البشر على اختلاف ألوانهم». وفي (19 جمادى الأول 927 ه - 27 أبريل 1521) توقفت سفن ماجلان غير بعيده عن الشاطئ وأنزلت القوارب الصغيرة وعليها الرجال المدججين بالسلاح والخوذ والتروس والدروع، في حين وقف أهالي الجزيرة ومعهم سهام مصنوعة من البامبو وبعض الرماح والسيوف القصيرة القديمة. تقدم جنود ماجلان متدافعين ونزلوا من قواربهم و التقى الجمعان. انقض جنود ماجلان ليمزقوا الأجساد نصف العارية بسيوفهم الحادة ويضربوا الرؤوس بالتروس ومقاليع الحديد، ولم يهتموا بسهام البامبو المدببة وهى تنهال عليهم من كل صوب، كانوا يصدونها بالخوذ والدروع. وتلاحمت الرماح والسيوف، وكان لابد من لقاء المواجهة الفاصل بين لابو لابو وماجلان. بدأت المواجهة بحذر شديد والتفاف بين الفريقين، ثم فجأة انقض ماجلان بسيفه - وهو يحمى صدره بدرعه الثقيل - على الفتى المسلم لابو لابو ووجه إليه ضربة صاعقة، فانحرف الفتى بسرعة وتفادى الضربة بينما الرمح في يده يتجه في حركه خاطفة إلى عنق ماجلان. لم تكن الإصابة قاتلة، ولكن انبثاق الدم كان كافياً لتصطك ساقا ماجلان المغمورتان في الماء وهو يتراجع إلى الخلف. عاود ماجلان انقضاضه بالترس الحديد على رأس الزعيم المسلم، وللمرة الثانية يتفادى لابو لابو ضربة ماجلان وينقض بكل قوة بسيفه فيشق رأس ماجلان الذي سقط مضرجاً بدمائه، بينما ارتفعت صيحات الصيادين «لابو لابو». وكان سقوط القائد الرحالة ماجلان كفيلاً بهز كيان من بقى حياً من رجاله، ورفض لابو لابو تسليم جثة ماجلان للأسبان، ودفنه في أرض الجزيرة بوصفه رمزاً على نصر المسلمين على الإسبان؛ فأسرع الإسبان يتراجعون عائدين إلى سفن الأسطول الذي لم يكن أمامه إلا أن يبتعد هارباً تاركاً خلفه جثة قائده ماجلان. موسوعة قصة «الإسلام».