لم يفتأ مسيرو الرياضة السعودية يطالبون رؤساء الأندية ومسؤوليها، بضبط النفس والتخفيف من حدة التصريحات الساخنة، في محاولة لوأدها أو على الأقل الحد من سخونتها وتأجيجها للشارع الرياضي، إلا أن هذه المحاولات لم تؤتِ ثمارها، فمع كل منعطف تظهر حمى الاتهامات، وفي كل ممر تنجلي حملات التشكيك في المنتسبين للمؤسسة الرياضية من كل الأطراف، وهو ما جعل هذه الأحاديث تصل إلى درجة الحقيقة المتيقن بها لدى جمهور ناد أو آخر، وسط صمت غريب من اتحاد الكرة الذي لم تكن آلية دفاعه عن العاملين تحت مظلته واضحة، فمرة يصدر بياناً من مصدر مسؤول تجاه من تهجم على لجنة، ومرة يدافع بتصريح تلفزيوني عن لجنة أخرى، لكنه مرات كثيرة يزم «شفتيه»، ويفضّل أن يلعب دور المتفرج، أو ربما يتحرك ويلعب دوره بعيداً عن أضواء الإعلام وخلف المكاتب المغلقة. وحتى ميثاق الشرف الذي يدندن مسيرو الرياضة السعودية على أوتاره في كل مرحلة تزداد فيه حدة الانتقادات وسخونتها لم يكن مجدياً، وإذا كنا أكثر صراحة، فقد أضحى حبراً على ورق أو «خيال مآتة» يهش الطيور عن السنابل موقتاً، لكن سرعان ما اكتشفت «الجوارح» أنه مجرد «عصى مكسوة بالقش» لا تضر ولا تنفع، فواصلت نقر لجان الاتحاد وربما بطريقة أشد إيذاء وأكثر إيلاماً. ليس من المنطقي أن يصمت اتحاد الكرة على من يشكك في لجانه، بل ويتهمهم صراحة أياً كان هذا الشخص وأياً كانت صفته الاعتبارية أو الاجتماعية، وإلا فإن العاملين في اللجان سيصبحون ساحة مستباحة لكل من أراد أن يستعرض «قوته» تجاههم، وليس لهم للأسف من الأمر سوى «الصمت» بانتظار من يدافع عنهم، أو يأخذ ب «حقهم» المعنوى والأدبي والأخلاقي تجاه من وجّه لهم الاتهامات جهاراً نهاراً من دون خوف أو ريبة. ولا يصح في مثل هذا الوضع أن يكون الرد خبراً عبر لجنة إعلامية للكشف عن آلية تتفق ومطالبات المنتقدين والمسيئين للجان أو الكشف عن أنه سيتم النظر فيها، على رغم أنه لا بأس في ذلك على الصعيد «النظري»، على اعتبار أن من حق الجميع مراجعة الإجراءات وتعديلها لما فيه المصلحة العامة، لكن ما لا يصح تماماً أن يتم التعديل بناء على الاتهامات والإساءات، من دون أن يكون لها رادع. أتساءل كما قد يتساءل غيري أين هي بنود لجنة الانضباط؟ أين هو البند رقم (45) الذي يعاقب كل إداري يستخدم وسائل الإعلام في الإساءة أو الانتقاد للأندية أو المنتمين لها أو مسؤولي ومنسوبي الاتحاد السعودي لكرة القدم بالحرمان من مرافقة النادي لستة أشهر والغرامة المالية؟ لماذا لم يُطبق هذا البند على (س) من الناس أو (ص) من المسؤولين؟ ألم يتم حل لجان كاملة أخطأ عضو فيها بارتكاب قرار غير منصف؟ ألم يتم إيقاف حكام لأنهم أخطأوا في قرارات «تقديرية»؟ ألم تتم إقالة أصحاب مناصب؟ أليس من المجدي تطبيق «النظام» على الجميع وتحمل مسؤولية القرار، بدلاً من ترك «الغلابة» من أعضاء اللجان يواجهون حملات التشكيك في ذممهم وأخلاقهم في كل حين من كل من أراد ذلك حتى لو لم يكن يحتل أي منصب رسمي في المنظومة الرياضية؟