لم يكن الشهر ونصف الشهر مدة كافية، لكفكفة دموع الأحياء المتأثرة بكارثة نوفمبر، وتزيل مسحة الحزن والكآبة التي سيطرت عليها منذ أن اجتاحت السيول الأحياء الشرقية من جدة في الثامن من ذي الحجة الماضي. إذ لاتزال تداعيات المأساة تظهر في أحياء قويزة والكيلو 14 والعديد من أجزاء المحافظة «الغريقة»، بل ربما تفاقمت المعاناة عند البعض من الذين لايزالون ينتظرون حسم أمورهم ليتمكنوا من الحصول على لقب «متضرر»، الذي يسهل عليهم الحصول على المساعدات والتسهيلات الممنوحة للمنكوبين. وما تساؤل «أحد سكان قويزة» محمد العمري عن الأسباب التي تمنع إدارة الدفاع المدني واللجنة المكلفة بالإسكان من وضعه ضمن قائمة المستفيدين من الشقق المفروشة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لاسيما وأن داره تضررت من السيول والأمطار، أليس هناك شاهد على حال تلك الشريحة «المتضررة»؟. ويؤكد العمري ل«الحياة» أنه منذ أن طاولت الأضرار منزله ودمرت جميع محتوياته من أجهزة كهربائية ومقتنيات عينية، وما سببته من قطع للتيار الكهربائي والمياه عن منزله، وهو يجد صعوبة في العيش بطريقة كريمة، مشيراً إلى أن الأضرار التي خلّفتها الأمطار في شوارع الحي صعّبت عليه مهمة الوصول إلى داره. وأكد أن مراجعاته المتكررة على اللجان المخولة بمنح التصاريح اللازمة لوضع اسمه ضمن المستفيدين من السكن في الشقق المفروشة لم تجد نفعاً، ما أجبره على نقل أسرته عند أحد أقاربه، فيما لايزال متسائلاً عن الأسباب التي حرمته من «حق مشروع». وقال: «ما زاد استغرابي وذهولي، مشاهدتي لمواطنين حالهم أفضل من وضعي ويسكنون في مناطق لم تتضرر كثيراً، وقدموا أوراقهم الثبوتية وتمكنوا من الحصول على الشقق المفروشة، فيما لجأت إلى أقاربي لعدم قدرتي على استئجار شقة». متمنياً أن تنظر الجهات المختصة لمعاناته باهتمام. بدوره، أوضح سعيد عبدالله «أحد المتضررين من كارثة جدة»، أنه فوجئ بوضع داره ضمن المنازل الصالحة للسكن، فيما يؤكد الواقع غير ذلك، مشيراً إلى أن السيول الجارفة غيرت معالم بيته، وحولته إلى أشلاء، «تهدده التصدعات التي دبت فيه بالسقوط في أي لحظة». وذكر أنه يراجع الجهات المعنية للحصول على التعويضات اللازمة له ولأسرته، لافتاً إلى أنه تسلّم الإعاشة التي أمر بها الملك عبدالله فقط، بيد أنه لم يتقاض أي مساعدة أخرى من مواد غذائية وأخرى عينية. وتساءل عن مصيره وأسرته بعد انتهاء فترة مكوثهم داخل الشقق المفروشة، لاسيما أن العودة إلى تلك الدار المتهالكة بات أمراً خطيراً، «إذ نتوقع سقوطها في أية لحظة». من جهته، نفى مصدر مسؤول في الدفاع المدني بجدة ما تردد حول تحديد موعد لخروج المتضررين من الشقق المفروشة التي يمكثون داخلها، مشدداً على عدم ورود أي توجيه بانتهاء عقود الإقامة في تلك الشقق. وقال ل«الحياة»: «تنظر جهات عليا معاناة جميع المتضررين من كارثة سيول جدة، وسيستمرون في إقامتهم داخل الشقق المفروشة حتى تنتهي لجنة التعويضات من أعمالها وتقدير جميع الخسائر». يذكر أن أكثر من أربعة آلاف أسرة سعودية ومقيمة انتقلت للسكن في شقق مفروشة بعد «كارثة جدة».