نجحت البرقية، ولا زالت، لعقود في البقاء على هرم التعاملات الرسمية في السعودية بدلاً عن البريد الالكتروني، يدعم ذلك، ارتباط البرقية بمسمى وزارة «البرق والبريد والهاتف» حتى حلّها واستبدالها بمسمى وزارة «الاتصالات وتقنية المعلومات»، الذي لم ينجح بعد في تأصيل معنى التعامل الالكتروني في لفظة «تقنية المعلومات»، ولم يصل بعد بالبنية التحتية في السعودية إلى المستوى المأمول. المفارقة الأجمل في تنافسية «البرقية» و «الايميل»، أن تعاملات الشركات والمؤسسات الخاصة الداخلية تجعل البريد الالكتروني لغة رسمية في التعامل، ومعها تنشأ ثقافة تعرف معنى أن إرسال «الايميل» يعني إرسال معاملة رسمية، ولكن عند التحول إلى التعامل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، فلا لغة تعلو فوق لغة البرقية. ارتبط مصطلح البرقية في السعودية اجتماعياً لسنوات طويلة في أشخاص عرفهم أهالي المدن السعودية بتخصصهم في التعامل مع «المبرقات»، والنقر السريع والمتفرق على جهاز البرقية لتحويل كلماتهم وطلباتهم إلى معاملات رسمية، يتخرجون من معاهد الاتصالات -سابقاً- «كليات الاتصالات (حاليا)». وفي حالة البريد الالكتروني، لا تبدو بوادر سحب البساط من تحت البرقية قريبة جداً إلا باستخدام ذات العقلية البيروقراطية، وبتخريج أشخاص يحملون مؤهل «كتّاب البريد الالكتروني»، كما عاشت أجيالٌ على وظيفة «كتّاب الطابعة» جنباً إلى جنب مع «مشغلي المبرقات الكتابة».