يعيش علي محمد فرحاني البالغ من العمر (53عاماً) حالة من البؤس والشقاء بعد أن سحبت منه الجنسية السعودية، على رغم مشاركته في حرب تحرير الكويت ونيله أوسمة عدة وشهادات تقدير. كان فرحاني ذات يوم هو من يطبق النظام في حق المخالفين لنظام الإقامة في السعودية، إلا أنه الآن أصبح مستهدفاً لعدم حمله ما يثبت أنه سعودي ومهدد بالترحيل في أية لحظة. ويقول علي: ل«الحياة»«أنا سعودي الأصل والمنشأ، وأنتمي لإحدى قبائل منطقة جازان المعروفة، قضيت كل شبابي في خدمة القوات المسلحة السعودية، وكنت ممن تشرفوا بالذود عن الوطن في حرب تحرير الكويت، واستلمت وسام التحرير الذي منحتني إياه دولة الكويت، وكان من الممكن أن أكون أحد الشهداء». ويضيف: «أنا الآن متقاعد منذ نحو عشر سنوات، لم أتقاض أي راتب من رواتب تقاعدي، وأحد أبنائي عسكري في أحد قطاعات وزارة الدفاع منذ نحو 15 عاماً، وما زال على رأس العمل حتى الآن». ويتابع: «بدأت معاناتي منذ نحو 20 عاماً عندما راجعت الأحوال المدنية كأي مواطن له مراجعة، وهناك أفادوني أن أساس حفيظتي مفقود ولم يسجل، علماً بأن ضياع أساس حفيظتي وعدم تسجيله لم تكن غلطتي بل هي غلطة موظف الأحوال المدنية، وعلي أن أقوم بإعادة تأسيس حفيظتي ورفع بشأني وشأن من هم في وضعي خطاب إلى وزارة الداخلية التي أصدرت قراراً وزارياً برقم 785 في15/06/1413ه. يقضي بسحب وإلغاء هويتي السابقة وما بني عليها وتكليفي بالتقدم للأحوال المدنية لاستخراج إثبات هوية أخرى، وفعلاً تم سحب وإلغاء هويتي في ذلك التاريخ على أساس استخراج هوية أخرى، مع أنني كنت عسكرياً على رأس العمل». ويوضح فرحاني أنه تم تشكيل لجنة من وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية في ذلك الوقت للتحقيق في هذا الأمر. واضاف: «تم التحقيق مرات عدة معي ومع شيخ قبيلتي ومع شهود، وقامت الأحوال المدنية بناء على خطاب وكيل الوزارة للأحوال المدنية رقم 3م/30974 في 26/08/1420ه، والذي يشير فيه إلى قرار وزارة الداخلية السابق الذكر،على أن يكون هذا الخطاب أساساً لهويتي الجديدة، وبناء عليه تم تعبئة نموذج أساس جديد وأنشئت معاملة فرعية من المعاملة الأم على أساس يكون أساس الهوية الجديدة، وإرسال المعاملة إلى الوكالة لاعتمدها كأساس، فاستمرت الإجراءات والمعاملة بين صادر ووارد بين الأحوال والوكالة، وكلما حاولت التأكد من مستجدات المعاملة، يؤكدون لي أنها تسير في مسارها الطبيعي ولا يوجد مبرر للشكوى وأن هناك معاملات أقدم من معاملتي».ويستطرد بحزن: «أوقفت السجلات المدنية لأولادي قبل نحو خمسة أعوام، وقالوا لي هذا الإجراء طبيعي حتى يتم التأسيس لي ومن ثم يقومون بتزويد أساسات هويات أولادي بصورة من أساس هويتي الجديدة ويتم بتشغيل سجلات أبنائي، علماً بأن هويات أولادي صادرة منذ نحو 20 عاماً وعليها شهود ومصادق عليها من شيخ القبيلة». ويلفت فرحاني إلى أن المعاملة أرسلت من الوكالة إلى البحث والتحري، وكذلك إلى الجوازات للتأكد من عدم حصوله وأسرته على وثائق أجنبية، وتم أخذ بصماتهم في الأدلة الجنائية ولم يجدوا أي شيء، مستدركاً: «لكن المفاجأة هي أنه وبعد 20 عاماً من العذاب، حفظت المعاملة في 24 /03/1430ه، وأشاروا في خطابهم إلى الفقرة الأولى من القرار الوزاري وهو سحب الحفيظة، ولم يشيروا إلى الفقرة الثانية. ويتابع علي: «سمح لي بتقديم تظلم إلى وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية بهذا الشأن فأفادني أنه لن يتم تأسيس ملفي بناء على القبيلة والشهود ولن يتم تشغيل سجلات أولادي المعلقة إلا إذا أحضرت أقارب، وأنا رجل كبير ومقطوع، ليس لي أشقاء أو أبناء عم، ووالدي متوفى منذ زمن بعيد جداً حتى انني لا أعرفه، وهذا أصلاً مثبت في المعاملة، وليس بالأمر الجديد، وليس لي من الأقارب سوى ولدين ولهم عشرة أطفال، ولي شيخ وقبيلة من القبائل المعروفة في منطقة جازان، كلهم يؤكدون كلامي». ما يحزن فرحاني ويزيد من آلامه النفسية أنه وجميع أفراد أسرته باتوا عرضة للاشتباه والمساءلة من الجهات الأمنية، «أصبحت حركتنا محسوبة علينا في أي مكان لأنني مجهول وأبنائي أوقفت سجلاتهم المدنية، على رغم أنني في يوم ما كنت من يطبق النظام على المخالفين، وكل ما نملكه لم نعد نملكه، لأن كل شي مرتبط بسجلاتنا المدنية حتى استمارة السيارة ورخصة القيادة لم يعد بإمكاننا تجديدها، وأي طفل من أطفال أبنائي لم ولن يستطيع حتى علاجه أو تدريسه بلا سجل مدني». وأوضح : «الأطفال المضافون أصبحت سجلاتهم موقفة تبعاً لوالديهم وغير المضافين تستحيل إضافتهم وسجلات آبائهم موقوفة». هذا الوضع حال بين أفراد الأسرة وممارسة أي عمل تجاري، كما حرمهم ذلك الاستفادة من خدمات الضمان الاجتماعي أو أي خدمة تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين للمواطن، «حتى رواتب تقاعدي لم أتقاض منها أي راتب منذ عشر سنوات، فأنا متقاعد بلا راتب، لأنني مجهول الهوية. حياة أسرة فرحاني تسير من سيئ إلى أسوأ، فقد شحت مصادر الدخل وشيئاً فشيئاً لم يعد فرحاني وابناه قادرين على إعالة أسرهم، وبات العوز مرافقاً لهم، ما اضطر أحد أبناء فرحاني إلى تقديم خطاب إلى النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز في 18/5/1430ه. وأحيلت المعاملة إلى مكتب مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في 22/05/1430ه، وصدرت بعد ذلك برقم 79350 وتاريخ 7/7/1430ه إلى وكيل وزارة الداخلية المساعد للأحوال المدينة، إلا أن المعاملة ما زالت تحت الإجراء كما أفادوا.