يوقّع قادة 26 دولة من شرق وجنوب أفريقيا اليوم (الأربعاء) في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، اتفاق التجارة الحرة الذي من شأنه أن يسهل انتقال السلع في ما بينها وتشمل نصف دول القارة السمراء. وبدأت يوم الإثنين الماضي الأعمال التحضيرية لقمة رؤساء الدول التي سيفتتحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والتي سيتم خلالها التوقيع على الاتفاق. وخلافاً لآسيا وأوروبا اللتين يقوم القسم الأكبر من بلدانهما في المتاجرة في ما بينها، ما زالت البلدان الأفريقية تعاني من التدابير البطيئة على الحدود وإجراءات الجمارك والتكاليف التجارية الباهظة التي تفوق سواها في مناطق أخرى. وستطلق قمة شرم الشيخ التي تتوج خمس سنوات من المفاوضات تخطت الفترة المتوقعة، «منطقة التبادل الحر الثلاثية الأطراف»، التي تنشئ إطاراً لتعرفات جمركية تفضيلية. وستضم هذه المنطقة السوق المشتركة ل «دول جنوب وشرق أفريقيا» (كوميسا) و «مجموعة شرق أفريقيا» و «مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية»، أي ما يزيد عن 625 مليون نسمة، وأكثر من ألف بليون دولار من إجمالي الناتج المحلي. وتتداخل جزئياً هذه الكتل الثلاث المتنوعة جداً. ومن «الكاب» إلى القاهرة، وفق تعبير السياسي والمستثمر البريطاني الكبير في قطاع المناجم سيسيل رودس في القرن التاسع عشر، ستضم «مجموعة المناطق الثلاث»، جنوب أفريقيا ومصر، وهما الاقتصادان الأكثر تطوراً في القارة، وبلداناً حيوية مثل إثيوبيا وكينيا. وتجدر الإشارة إلى أن نيجيريا التي تسجل أول إجمالي ناتج محلي في أفريقيا بفضل النفط، ليست عضواً في هذه المجموعة. ورحبت حكومة جنوب أفريقيا بهذا المشروع قائلة إن «إطلاق منطقة التبادل الحر الثلاثية الأطراف مرحلة مهمة للقارة الأفريقية ترقى إلى خطة لاغوس للاتحاد الأفريقي، وإلى معاهدة أبوجا التي تهدف إلى إنشاء مجموعة اقتصادية أفريقية». ولكن سيتوجب الانتظار عدة أشهر قبل أن ينفذ الاتفاق على أرض الواقع. وأوضح وزير التجارة والصناعة المصري منير فخري عبدالنور أن «الجدول الزمني لإزالة الجواجز الجمركية، لم يتم وضعه بعد. ويتعين على برلمانات الدول الموقعة، التصديق على الاتفاق قبل أن يدخل حيز التنفيذ». وفيما لا يزال البعض يشكك في المشروع، أضاف عبدالنور «هذه رسالة قوية تؤكد أن أفريقيا تعمل في سبيل تكاملها الاقتصادي وتأمين بيئة ملائمة للتجارة والاستثمار». فحوالى 12 في المئة فقط من المبادلات التجارية في أفريقيا، تحصل في الواقع بين بلدان القارة في مقابل 55 في المئة لدول آسيا، و70 في المئة لأوروبا. وهذه هي نتيجة ما يسميه الخبراء الاقتصاديون «سماكة الحدود» والتي تقاس بعدد الوثائق التي يتعين توافرها للاستيراد والتصدير (ما متوسطه سبع إلى ثماني أوراق جمركية في أفريقيا، في مقابل أربع أو خمس في أوروبا)، ومهلة اجتياز الحدود وتكاليفها أيضاً. لذلك يحتاج تخليص البضائع الجمركية إلى فترة يناهز متوسطها ثلاثين يوماً في أفريقيا (باستثناء المغرب)، في مقابل حوالى عشرة أيام في الاتحاد الأوروبي. وأفاد تقرير «آفاق اقتصادية لأفريقيا» الذي أصدرته «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» و «برنامج الأممالمتحدة للتنمية» في العام 2015. بأن «البلدان الأفريقية، خصوصاً إذا كانت محاطة ببلدان أخرى، تراكم تكاليف تجارية عالية وحدوداً أكثر صعوبة من بلدان أخرى»، وأشار التقرير إلى أن «الصادرات بين البلدان الأفريقية عام 2013 ناهزت 61 بليون دولار بزيادة 50 في المئة بالمقارنة بالعام 2010».