نيودلهي - «نشرة واشنطن» - يتقصّى تقرير «ممارسة الأعمال في الهند لعام 2009» الذي أصدرته مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي بتكليف من «دائرة السياسة الصناعية والترويج» في وزارة التجارة والصناعة الهندية، الاختلافات المهمة الكثيرة بين ممارسات الحكومات المحلية وسياساتها المتعلقة بأنظمة الأعمال التجارية وأحكامها. ومنحت الإصلاحات الاقتصادية التي صدرت في تسعينات القرن العشرين الولايات الهندية حكماً ذاتياً أكبر، خصوصاً في ما يتعلق بشؤون الأراضي والتراخيص. وساهمت هذه الإصلاحات في حصول اختلافات واسعة في أنظمة وممارسات الحكومات المحلية عبر الهند، وهي اختلافات تؤثر في نشاط شركات الأعمال. ولكل مدينة هندية إطار عمل قانوني ومؤسساتي مماثل، لكن الأنظمة المحلية والتطبيق المحلي للقوانين القومية تختلف. ويدرس التقرير تنظيم الأعمال من وجهة نظر شركة محلية يتراوح حجمها بين الصغير والمتوسط. وينظر في سبعة مواضيع تتعلق بالسلطات القضائية والممارسات المحلية، بدءاً بتأسيس شركة ثم معاملات إجازات البناء وتسجيل الملكية وتسديد الضرائب والتجارة عبر الحدود وفرض تطبيق أحكام العقود، وصولاً إلى إغلاق شركات الأعمال. وتدين الهند بكثير من نجاحها الاقتصادي إلى إصلاحات تحرير الاقتصاد التي اعتُمدت عام 1991، إذ ساعد الانفتاح أمام التجارة والاستثمار والسعي إلى إلغاء التنظيمات والتخصيص والإصلاحات الضريبية في رفع متوسط النمو الاقتصادي إلى معدل 8.5 في المئة سنوياً بين عامي 2000 و2008 (بزيادة سنوية بنسبة اثنين في المئة)، كما انتشل 300 مليون مواطن من الفقر المدقع. وفشل النمو الذي حصل أخيراً في البلاد في تأمين فرص عمل تكفي لاستيعاب الزيادة الهائلة في القوى العاملة المحلية. وأظهرت دراسة أجرتها وزارة الإحصاءات الهندية أن 90 في المئة من القوى العاملة لا تزال تعمل في القطاع غير الرسمي، حيث لا يتوافر لها أمان وظيفي أو دخل دائم. ويشكل تعزيز النمو الشمولي أحد الأهداف الأساسية للتنمية في الخطة الخمسية الحادية عشرة للهند. ويجب على الحكومة القومية وحكومات الولايات والبلديات أن تستمر في العمل لإيجاد بيئة تنظيمية تشجع الشركات على العمل ضمن القطاع الرسمي وعلى النمو من أجل المساعدة في إطلاق العنان لقدرات المبادرين المحليين الراغبين في تأسيس الأعمال. وبدأت الإصلاحات التنظيمية تأخذ مجراها، لكن وتيرة هذا التطبيق تختلف في أنحاء البلاد، ولا يزال أمام الهند طريق طويل قبل التمكّن من مقارنتها بإيجابية بالممارسات الدولية الفضلى. ويسجل التقرير إدخال إصلاحات ذات شأن في نطاق الأعمال على المستوى القومي ومستوى الولايات والبلديات في 14 موقعاً من أصل 17 موقعاً. وتشمل الإصلاحات اعتماد الكمبيوتر في السجلات الرسمية كلها ونشر تسجيل شركات الأعمال والضرائب على شبكة الإنترنت وتطبيق أنظمة «النافذة الواحدة» الذي يسمح بإنهاء المعاملات في موقع واحد. ومكّنت مبادرة وزارة شؤون الشركات من تسجيل الشركات إلكترونياً. وأصبحت الموافقة على إسم الشركة تستغرق يومين في كل المدن ال 17، مقارنة بأربعة أيام سابقاً. وجعلت ولايتا بهوبانشوار وحيدر أباد تسجيل ضريبة القيمة المضافة والضريبة المهنية أكثر سهولة عبر إدخال نقاط وصول إفرادية، وخفضت ولايتا باتنا ورانشي رسم الطابع على وثائق تأسيس الشركات. رخص البناء وأصلحت الحكومات المحلية الإجراءات المتعلقة بتراخيص البناء. وساهم اعتماد نظام الكمبيوتر بالترافق مع زيادة الكفاءة الإدارية في تسريع عمليات الموافقة على طلبات تراخيص البناء بمقدار 25 يوماً في المتوسط. وأدخلت ولايات بنغالور وغورغاون وحيدر أباد أنظمة «النافذة الواحدة» لمعالجة طلبات تراخيص البناء. وسمحت ولايتا أحمد أباد وشيناي لمتعهدي البناء تقديم خرائط البناء إلكترونياً للتدقيق الآلي والمقارنة بقواعد البناء ومخططات تقسيم المناطق. وأصبحت استمارات الطلبات في 10 من أصل 17 مدينة متوافرة على شبكة الإنترنت. وولاية بنغالور هي أفضل ولاية من حيث سهولة التعامل مع تراخيص البناء. وتحتل المركز 72 من بين 181 اقتصاداً عالمياً، أمام إيطاليا (81) وخلف النرويج (67). وتحتفظ مؤسسة البلدية في بنغالور بحق فرض زرع شجرتين في قطع الأرض التي تتجاوز مساحتها 200 متر مربع عند الموافقة على رخصة البناء. وعلى النقيض في مومباي، يترتب على أصحاب المبادرات التجارية زيارة سلطة التشجير مرتين والانتظار شهراً حتى تجتمع لجنة الأشجار للتصديق على زراعة الأشجار وإكمال مشروع البناء. وتعتمد المدة التي يجب على أصحاب المشاريع انتظارها لتسجيل ملكيتهم على مكان إقامة مشاريعهم، فإذا كان في جايبور، يُسجل المبنى ويصبح جاهزاً لاستضافة شركة أعمال جديدة خلال 24 يوماً، أي أسرع بخمسة أضعاف ما يستغرقه الأمر في بهوبانشوار حيث يتطلب الأمر 126 يوماً. وخفّضت ولايات عدة معدلات رسم الطابع، كدلهي (من ثمانية في المئة إلى ستة في المئة للرجال ومن ستة في المئة إلى أربعة في المئة للنساء) لتشجيع أصحاب المبادرات على تسجيل أملاكهم رسمياً. ووجد التقرير ان تأسيس شركة أعمال وتشغيلها أسهل ما يكون في لودهيانا وحيدر أباد وبهوبانشوار، وأصعب ما يكون في كوشي وكولكاتا، على رغم ان كولكاتا تحتل المرتبة الثانية بين الولايات من حيث أدنى تكاليف البدء بتأسيس شركات الأعمال. وساهمت الإصلاحات القومية في رفع كفاية الأنظمة الضريبية. ففي عام 2005، بدأت الحكومة في إدخال نسبة موحّدة لضريبة القيمة المضافة في الولايات الهندية كلها، فألغت بعض التأثيرات التراكمية التي تسببها الضرائب المحلية. وبحلول عام 2008، كانت الولايات كلها تبنّت نظام ضريبة القيمة المضافة. وفي عام 2007 خُفضت نسبة ضريبة المبيعات المركزية من أربعة إلى ثلاثة في المئة. وحسّنت الهند إطار عملها القانوني والتنظيمي وسهّلت تطبيق أحكام العقود وقوانين الإفلاس خلال العقدين الماضيين. وسمحت المحكمة العليا في الهند في عام 2008 برفع الدعاوى بطريقة إلكترونية. ويُخطط لإدخال أنظمة لتقديم الدعاوى الكترونياً لدى المحاكم الكبرى في الولايات في المستقبل القريب، ثم في محاكم المقاطعات. وعلى رغم هذه الإصلاحات، لا يزال الطريق طويلاً أمام البيئة التنظيمية في الهند قبل بلوغ المعايير الدولية التي تساعد في إطلاق العنان لقدرات أصحاب المبادرات في الأعمال. فلا يزال تأسيس شركة في المدن ال 17 يتطلب اتخاذ 12 إجراء ويستغرق 34 يوماً في المتوسط. والأسباب الرئيسة للتأخير هي إجراءات تسجيل الشركة في الدوائر الضريبية والضمان الاجتماعي والرعاية الصحّية، إذ يستغرق فرض تطبيق أحكام أي عقد 961 يوماً في المتوسط، وهو أسرع من أي مكان آخر في جنوب آسيا، لكنه أبطأ من البرازيل (616 يوماً) ومن هونغ كونغ الرائدة عالمياً في سهولة فرض تطبيق أحكام العقود (211 يوماً).