تنفرد قناة مجلة «العربي» بتقديم الثقافة العامة بعيداً من نشرات الأخبار الدامية، وهي خالية من مرض الخطابة الذي يصرخ في أكثر القنوات الفضائية العربية والإسلامية والشرقية المتزايدة بانفلات فوضوي مثير. ما تقدمه قناة «العربي» برامج غنية بالمعلومات الغائبة من الماضي البعيد، والماضي القريب، عربياً وعالمياً. تقول بالصورة والصوت ماذا حدث؟ وكيف؟ ولماذا؟ وكل هذا في أسلوب علمي دقيق، يتناول وجوه الحياة المختلفة في الجغرافيا والتاريخ والمنجزات العلمية والتراث الإنساني، والإبداع إلى جانب الأحداث الكبرى في القرن العشرين. وواضح أن هذه القناة تتوجه في كل هذه التنويعات الثقافية والعلمية إلى المشاهدين المثقفين والمشاهدين العاديين معاً. برامج مصورة عن قبائل بدائية، وعن أنواع كثيرة ونادرة أحياناً من الطيور والزواحف والأحياء البحرية والبرية، والمحميات الطبيعية، والأنهار والجبال والصحارى، والمناطق القطبية، والى هذا هناك أهم المعارك الفاصلة في الحروب المدمرة، والمفاوضات والمؤامرات، وملفات الحربين العالميتين والحرب الباردة، وأساليب العمارة الشرقية والغربية القديمة والجديدة. وإذا كان القرن العشرون هو الأغنى والأخطر بين القرون فإن ملفات هذا القرن هي الأكثر تنوعاً في الإنجازات والمتغيرات والاختراعات والحروب، والكوارث الطبيعية والصناعية. منذ الحرب بين أثينا واسبارطة لم تتجاور الثقافة والرياضة في منبر واحد، إلا في حالات نادرة، منها حالة القناة الكويتية الثالثة، التي تبث في الفترة النهارية برامج قناة «العربي» الثقافية المتميزة، المنحازة إلى الثقافة الصافية، التي تنضم إلى سلسلة المنابر الثقافية لمجلة العربي الأكثر شهرةً وانتشاراً. برامج تاريخية بالأبيض والأسود وبرامج علمية عن البلدان والجزر والشعوب المجهولة، والرحلات، في مناطق عذراء في أعالي البحار ووراء البلدان المعروفة. تنسجم قناة مجلة «العربي» مع الاهتمامات المعلنة الخاصة لإدارة المجلة العريقة التي لا تزال منذ آخر سنوات الخمسين واحداً من أهم المنابر الفكرية والثقافية في التاريخ العربي الحديث، مجلة «العربي» التي لا تزال تهتم بتنمية الثقافة العلمية من خلال المطبوعات والندوات، والملحق العلمي، وما يطرحه رئيس التحرير د. سليمان العسكري في افتتاحياته المجلة وملحقاتها، ومنها مجلة «العربي الصغير»، و «كتاب العربي». ومن الواضح أن هذه القناة المنحازة للثقافة، من دون صراخ، تبدي اهتماماً خاصاً بالعلوم، والتطور العلمي، بأسلوب يقترب من إدراك المشاهد العادي، وهي تغطي الندوة السنوية للمجلة التي تنعقد في بداية كل عام، مع إشارات واضحة الى اهتمامها بالجانب العلمي، بعيداً عن مرض الخطابة. ترى إزاء هذا كله، ألا تستحق هذه القناة كلمة تحية في وقت لا يتوقف المثقفون والكتّاب عن التساؤل بحسرة عن غياب الثقافة والعلم عن الفضاء التلفزيوني العربي الذي تنخره السياسة والرياضة والأغاني الهابطة والحوارات العقيمة؟