عاودت السفارة الأميركية في صنعاء فتح أبوابها واستأنفت أعمالها الديبلوماسية والقنصلية بعد ثلاثة أيام من الإغلاق لأسباب أمنية على خلفية «تهديدات إرهابية» وتحسباً لتعرضها لهجمات. وربطت السفارة الأميركية في بيان قرارها بتنفيذ وحدات أمنية يمنية خاصة بمكافحة الإرهاب عملية ناجحة في منطقة أرحب (شمال العاصمة صنعاء) أول من أمس استهدفت عناصر تنتمي إلى تنظيم «القاعدة» في اليمن، وقتلت شخصين يعتقد بأنهما على علاقة بتهديد السفارة. وجاء في البيان أن «عمليات مكافحة الارهاب التي نفذتها القوات الحكومية اليمنية في الرابع من كانون الثاني (يناير) في شمال العاصمة (...) أسهمت في القرار الذي اتخذته السفارة بمعاودة نشاطها». وأشادت بجهود الحكومة اليمنية في إرباك تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» وأكدت التزامها دعم هذه الجهود. لكنها ذكرت بأن خطر الهجمات «الإرهابية» على المصالح الأميركية يبقى عالياً، ودعت رعاياها في اليمن الى ضرورة توخي الحيطة والحذر واتخاذ إجراءات أمنية متعقلة. وجاء الاعلان الأميركي بعدما كانت الحكومة اليمنية أبدت انزعاجها بسبب اتخاذ السفارة الأميركية وعدد من السفارات الغربية في اليمن قراراً بإلاغلاق خوفاً من هجمات إرهابية. وأكدت مصادر حكومية يمنية ل«الحياة» أن أياً من السفارات الأجنبية في صنعاء لم يتلق تهديدات «إرهابية»، وهي تتمتع بحماية أمنية عالية توفرها أجهزة الأمن انطلاقاً من واجبها في توفير الحماية الكاملة لها ولكل المصالح والمنشآت الأجنبية ورعايا الدول الشقيقة والصديقة في اليمن. وأضافت هذه المصادر أن وزارة الخارجية اليمنية كثفت اتصالاتها مع الدول المعنية التي أغلقت سفاراتها، وقدمت لها تطمينات أكيدة. ورجحت أن تعاود تلك السفارات فتح أبوابها قريباً وفي مقدمها فرنسا وألمانيا واليابان. وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» أن تصريحات المسؤولين اليمنيين تعكس مخاوفهم من محاولة واشنطن توجيه أو قيادة عمليات مكافحة الارهاب في اليمن، أو لعب دور علني، إذ أن الحكومة حساسة جداً تجاه اظهارها وكأنها تابعة للولايات المتحدة. ورأت أن المخاوف اليمنية تُبرز ضرورة اتخاذ واشنطن وحلفائها خطوات حذرة في تعاونهم مع صنعاء ضد «القاعدة». ونقلت الوكالة عن مسؤولين يمنيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم غضبهم حيال قرار واشنطن اغلاق سفارتها لأنها أعطت انطباعاً بأن قوات الأمن اليمنية غير قادرة على حماية البعثات الديبلوماسية. من جهتها، سارعت وزارة الداخلية اليمنية إلى طمأنة البعثات الأجنبية في العاصمة، وأكدت في بيان نُشر على موقع وزارة الدفاع أنها «شددت اجراءاتها الأمنية وحمايتها للسفارات الأجنبية وأماكن وجود الأجانب واقامتهم». وذكرت الوزارة أن «الحمايات الأمنية للسفارات جرى اعدادها وتدريبها على نحو ممتاز وعلى مستوى عال من المهنية وهي قادرة على القيام بأعمال الحماية على أكمل وجه». وأشارت إلى أن عمليات مكافحة الارهاب مستمرة «على مدار الساعة». وأكدت «ضبط خمسة من العناصر الارهابية في كل من محافظات صنعاء والحديدة (غرب) وامانة العاصمة خلال اليومين الماضيين وحتى اليوم (الثلاثاء) »، اضافة الى الاثنين اللذين قُتلا في أرحب. الى ذلك، شهدت صنعاء إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، إذ نصبت دوريات أمنية حواجز تفتيش للسيارات والمركبات للتأكد من هوية المواطنين والمقيمين في عدد من الشوارع والطرقات والأحياء الرئيسية، ما تسبب في ازدحامات مرورية خانقة. وكانت أجهزة الأمن اليمنية (الاستخبارات) أعلنت أنها اعتقلت خمسة عناصر ينتمون إلى تنظيم «القاعدة» خلال يومين في إطار حملتها الأمنية والعسكرية في عدد من محافظات ومناطق يمنية نائية. وقالت هذه المصادر إن وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات الأمن المركزي ولوزارة الدفاع تواصل عمليات نوعية ودقيقة على مدار الساعة لمراقبة وملاحقة عناصر «القاعدة» والمطلوبين أمنياً، وفقاً لخطة مدروسة لانتشار أمني وعسكري في بعض المحافظات وشبكة معلومات (استخباراتية) من شأنها تضييق الخناق على العناصر الإرهابية والقضاء عليها تدريجا. وفي لندن، أفاد ناطق باسم الخارجية البريطانية أن سفارة بريطانيا لا تزال مغلقة أمام العامة، إلا أن موظفيها عادوا للعمل. وذكر الناطق أن «الوضع تغير بين الأمس واليوم». وبقيت سفارة فرنسا في صنعاء مغلقة حتى اشعار آخر. وأعلن الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو أن السفارة الفرنسية في اليمن التي اغلقت أبوابها الثلثاء أمام الجمهور، ستبقى مغلقة الى أن يسمح الوضع الأمني باعادة فتحها. وقال أن فرنسا قررت الابقاء على قرار الاقفال من قبيل الاحتياط حتى تقويم الوضع. من جهة ثانية، حذر اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الاميركي في بغداد من أن «القاعدة» باتت تستخدم اليمن في شكل متزايد منطلقاً لشن هجمات في أنحاء العالم، وأكدوا ضرورة أن تقدم واشنطن دعماً لصنعاء من أجل طرد «الشبكة الارهابية». وقال السناتور جون ماكين الذي كان زار اليمن مع زميله جون ليبرمان في آب (اغسطس) الماضي، متوجهاً للصحافيين خلال زيارتهما الى بغداد التي تستغرق يوماً واحداً إن «على الولاياتالمتحدة مساعدة اليمن في بناء اقتصادها. لا يمكننا أن نسمح بأن يكون اليمن منطلقا لتنظيم القاعدة لشن هجمات على دول أخرى في المنطقة، وعلى الولاياتالمتحدة». واعتبر السناتور المستقل من ولاية كونيتيكت ليبرمان أن ما يجري في اليمن «جزء من صراع عالمي»، وقال إن الاميركيين هناك كانوا حذروه خلال زيارته من أن «العراق حرب الأمس، وافغانستان حرب اليوم، واذا لم تتصرفوا على نحو استباقي الآن فسيكون اليمن حرب الغد». من جهة ثانية، اتصل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح برئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ليبحث معه ترتيبات مؤتمر لندن حول اليمن في 28 الشهر الحالي، وقالت «وكالة الانباء اليمنية» الرسمية ان «براون اكد دعمه لليمن في مواجهة كل التحديات».