أفاد تقرير أعده تحالف «صحافيون يمنيون لمناهضة الفساد» بأن تكلفة حالات الفساد المالي التي رصدتها الصحافة اليمنية عام 2008 بلغت نحو أربعة بلايين دولار. وأوضح التقرير الذي أُعلن في اجتماع بصنعاء أن المبلغ بالعملة المحلية يصل إلى تريليون و512 بليون ريال، ما يساوي موازنة الدولة لسنة. وتوزعت التكلفة على 18 جهة حكومية تصدرتها «مصافي عدن» بنحو 725 بليون ريال. وأشار التقرير إلى أن بقية أضرار الفساد توزعت على مصالح وجهات حكومية، منها وزارات ومصالح تُعنى بالصحة والمياه والزراعة والضرائب والكهرباء والتعليم والإعلام والشباب والرياضة والأوقاف والإدارة المحلية والصناعة. ونفى رئيس تحرير صحيفة «الأهالي» المستقلة علي الجرادي أن يكون كل ما يُنشر في الصحافة من قضايا الفساد فساداً بالضرورة، مرجعاً ذلك إلى نشر اتهامات بالفساد يصعب التأكد منها قبل صدور أحكام قضائية فيها. واعتبرت مسؤولة وحدة مكافحة الفساد في منظمة «صحافيات بلا قيود» ياسمين القاضي التقرير إنجازاً غير مسبوق في ما يتعلق بالتقارير المدنية الراصدة لحالات الفساد لناحية الدقة والموضوعية، داعية إلى التعامل مع التقرير بصدقية للمساهمة في مكافحة الفساد. وأعلنت «الهيئة اليمنية العليا لمكافحة الفساد» أن ثمة 12 سبباً للفساد في اليمن عددتها من ضمن «الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2009 - 2013» الذي أطلقته أخيراً. وأوضحت الإستراتيجية أن في مقدمة أسباب الفساد في اليمن وجود ثقافة سياسية متسامحة مع الفساد والمفسدين في الجهاز الإداري للدولة، وظهور شريحة جديدة من الأفراد الذين يعملون للإثراء الفاحش والعبث بالمال العام من دون أن تكون لديهم مناصب تنفيذية مباشرة يمكن مساءلتهم من خلالها، وغياب الشفافية وجهل شريحة واسعة من المواطنين بكثير من الإجراءات والحقوق والنظم الإدارية والمالية. وكشفت أن من بين الأسباب الأخرى ضعف دور وسائل الإعلام الرسمية وتركيزها على الخطط والإستراتيجيات والخطاب الحكومي الرسمي من دون الخوض في مناقشة قضايا الشأن العام وفي مقدمها قضايا الفساد والعبث بالمال العام، فضلاً عن ضعف مؤسسات المجتمع المدني وغياب القنوات التي يمكن أن تؤمّن ممارسة بعض الرقابة على أعمال القطاع العام، واختلالات في إجراءات التوقيع على عقود المناقصات والمشتريات. ولفتت الإستراتيجية كذلك إلى وجود تشريعات تحول دون اتخاذ إجراءات فاعلة ضد بعض شاغلي المناصب العليا، وسيادة قيم تقليدية وروابط قائمة على النسب والقرابة، وعدم تفعيل تقارير أجهزة الرقابة وفي مقدمها تقارير «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة». وأشارت إلى ضعف أجهزة الرقابة الداخلية في مؤسسات الجهاز الإداري للدولة، ومرحلة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أمّنت بيئة مناسبة للفساد، وتدني رواتب العاملين في القطاع العام ما يدفع بعضهم إلى البحث عن مصادر إضافية للدخل وانتشار الرشوة والمحاباة، إضافة إلى غياب مدونات السلوك وقواعد العمل والإجراءات المكتوبة.