امتدت آثار المبيدات الكيماوية التي ترش على المحاصيل الزراعية، وأضرارها، إلى «العسل» أيضاً، بحسب ما يؤكد عضو هيئة التدريس في قسم وقاية النبات في كلية علوم الاغذية والزراعة بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز القرني الذي يؤكد أن وجود متبقيات للمبيدات في العسل يعد «أمراً شائعاً». وأوضح أن المواد الكيماوية سواء المبيدات أم المضادات الحيوية أم غيرها التي يمكن أن تكون لها متبقيات في العسل تختلف باختلاف أنواعها والهدف من استخدامها، فقد تكون مبيدات ترش على النباتات لمكافحة الحشرات وغيرها من الآفات، وهو ما يؤدي إلى تلوث رحيق الأزهار بتراكيز غير قاتلة للنحل، فيخزن هذا الرحيق في الخلية أو يجمع النحل حبوب اللقاح الملوثة بالمبيدات أو قد ترش المبيدات لمكافحة الحشرات مباشرة مثل الجراد أو البعوض ورش مستنقعاته فتنجرف هذه المبيدات بفعل الرياح إلى مواقع النحل فإما أن تتسبب بموت النحل مباشرة، أو تنتقل عبر النحل نفسه إلى داخل الخلية. وقال القرني في حديث إلى «الحياة»: «هناك مبيدات ومضادات حيوية تستخدم ضد الآفات والأمراض التي تصيب النحل نفسه، مثل بعض الدبابير والنمل والقوارض التي تعيش بالقرب من الخلايا، وبعض أنواع «الحلم» التي تتطفل عليه، «فالنحل يتعرض للإصابة ببعض الأمراض والآفات التي تتطلب التعامل معها للمحافظة على حياته، ولذلك من الأهمية بمكان أن يكون مربو النحل أو العمال الذي يتابعون خلايا النحل يعرفون جيداً الطرق الصحيحة لاستخدام تلك المبيدات، أو المضادات الحيوية». ويشير إلى أن هناك من يوصي بعدم استخدام الأقراص الشمعية في الخلايا لأكثر من ثلاثة سنوات، للتخلص من أي متبقيات ربما تكون تراكمت في الشمع، لافتاً إلى احتمال أن توجد متبقيات بعض العناصر المعدنية في العسل بسبب طرق التخزين غير الملائمة، أو وجود خلايا النحل بالقرب من المستودعات أو المصانع الكيميائية، أو في مناطق ترتفع فيها نسبة التلوث بالمعادن الثقيلة. وأشارت أبحاث أجريت خارج المملكة في مناطق ملوثة إلى وجود عينات من العسل تحتوي على تراكيز - وإن كانت في مستويات آمنة- لبعض المعادن الثقيلة مثل الزنك والحديد والنحاس، كما وجدت تراكيز أعلى في رحيق الأزهار من المعادن نفسها في منطقة الدراسة. وذكر أن الدراسات التي أجريت حول متبقيات المبيدات قليلة في السعودية، إحداها في جامعة الملك سعود والأخرى في جامعة الملك عبدالعزيز، وخلصتا إلى قلة العينات الملوثة بمتبقيات المبيدات في العسل المحلي أو المستورد. لكنه استطرد: «مع ذلك لا يمكن الاكتفاء بهذه الدراسات لأن انتاج العسل محلياً وكذلك استيراده عملية مستمرة، وكذلك استخدام المبيدات في المجال الزراعي عامة، ولذلك فهذا النوع من الدراسات يحتاج إلى أن يكون دورياً وعشوائياً عن طريق الجهات المختصة مثل مختبرات وزارة التجارة والصناعة وهيئة الغذاء والدواء، إذ إن هناك أخباراً ودراسات وتقارير عالمية تنشر بين فترة وأخرى تشير إلى وجود كميات من العسل الملوث بمتبقيات لمبيدات، أو مضادات حيوية فيتم تصديره من بعض الدول المعروفة بإنتاجها العالي من العسل. وضرب القرني مثالاً نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية بتاريخ 21 تموز (يوليو) 2004 عن وجود كميات من العسل الصيني، دخلت إلى بريطانيا تمت إعادة شحنها من الهند، واتضح أنه عسل صيني ملوث بمضاد حيوي هو الكلورامفينيكول Chloramphenicol، وهو مضاد منعت منظمة الصحة العالمية استخدامه في المنتجات الغذائية، نظراً إلى خطورته على صحة الإنسان، علماً بأن دول عدة ومنها المملكة ودول الاتحاد الأوروبي منعت دخول العسل الصيني ومنتجات غذائية أخرى صينية إليها عام 2002 للسبب نفسه». وأضاف القرني الذي شغل منصب رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الدولي السادس لاتحاد النحالين العرب: «أعتقد بأنه تم رفع الحظر فيما بعد عام 2004 بعد تحسن ظروف الانتاج هناك».