تحدثت الأحد الماضي عن أحداث مباراة مصر والجزائر، واعتبرت أن ما صاحبها من أحداث نقطة سوداء في عام 2009، ولم يكن الهدف من سرد تلك الاحداث إدانة أحد الطرفين وتبرئة الآخر، كثير من الأصدقاء الجزائريين احتجوا لأنني قلت إن بعض مشجعي منتخبهم استخدموا السلاح الأبيض وأحرقوا العلم المصري في القاهرة، والحقيقة أن ماقلته لا يعدو ما ذكره الإعلام المصري وعرضته كما عرضت ما قاله الاعلام الجزائري دون أن أتبنى وجهة نظر أحد الجانبين، وشخصياً أعتقد جازماً أن كثيراً من الاخبار التي بثتها وسائل الاعلام قبل وبعد المباراة لا تعدو عن كونها إثارة مقصودة لا تعتمد على برهان، ومن ذلك استخدام السلاح الأبيض بحسب الرواية المصرية بدليل أن تقارير الشرطة السودانية لم تسجل وقوع اصابات أو العثور على ادوات حادة مع مشجعي المنتخب الجزائري، وكذلك في حادثة احراق العلم المصري التي لم تتخذ السلطات في القاهرة اجراء للتحقيق فيها، ما يعني أنها مجرد اثارة اعلامية، وفي الجانب الجزائري ايضاً لا أعتقد أن ما ذكر عن التحرش بالمشجعات كان حقيقة كما هي الحال في كثير من الروايات التي روجها الاعلام في البلدين... عندما تطرقت الى احداث تلك المباراة لم يكن الهدف سرد حجج المصريين والجزائريين وإدانة أحد الطرفين أو سكب الزيت على النار وإثارة الأمر مجدداً... كان الهدف الاشارة الى أن الروح العربية ذبحت على يد بعض الغوغائيين من الاعلاميين، وان العلاقات بين مصر والجزائر ضربت في مقتل بفعل ما بثته بعض القنوات الفضائية وخطته أقلام الباحثين عن خلط الأمور ونسج المؤامرات. وبعيداً عن تلك الأحداث وذكراها، أصبحنا نتأسف على الأجواء الاعلامية المصاحبة للمباريات العربية، واعتماد كثير من القنوات على خلق المشكلات وترويج العبارات العنصرية، من خلال التفنن في طرح قضايا أقل ما يقال عنها انها هامشية. مستفيدة من سهولة اللعب على وتر الرغبات، إذ ان المواطن العربي متحدث لا يسكت إلا حين تتغلب عليه شهوة الاستماع إلى المهاترات وعبارات السب والقذف. وهو يجد فيها متعة تجعله يسبح في بحور المتعة والانعتاق من واقعه الرديء. ولا أشك في أن تلك القنوات تدرك المشكلة. وبدلاً من أن تعمل على الارتقاء بذائقة المشاهد، على اعتبار أن ذلك يعتبر تلبية لحاجاته. اختارت تلبية رغباته التي لا يحكمها العقل، بحثاً عن أقصى استفادة من سذاجة ذلك المشاهد، ومن ثم تحقيق انتشار ومكاسب مالية، ترى فيها الهدف الأهم. نتمنى جميعاً أن تطوى صفحة عام 2009، وأن تعود الأمور الى طبيعتها بين الأشقاء في مصر والجزائر، لأن حال الاحتقان بلغت مرحلة فتور العلاقات الرسمية بين البلدين، ما يجعلنا نتحسّر على حال الرياضة في عالمنا العربي بعدما ذهب بها البعض بعيداً عن أهدافها السامية وجعل منها وسيلة للحرب والضرب. [email protected]