استطاعت القوات السعودية بعد ثلاث ساعات من هجوم مسلحين قادمين من اليمن قصدوا الأراضي السعودية في الجزء الجنوبي من حدود المملكة في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، التصدي للمتسللين المسلحين الذين هاجموا مركزاً حدودياً من جهة، وفرز أصحاب القرى الحدودية من المتسللين الذين أجبروا على النزوح إلى مركز للإيواء من جهة أخرى، وذلك بعد أن أعلن مساعد وزير الدفاع والطيران خالد بن سلطان المنطقة الحدودية، «منطقة قتل»، محذراً أن كل من يدخل تلك المنطقة المحددة سيقتل. وحقق الطيران الحربي والمدفعيات الأرضية نجاحات في التصدي للمسلحين على الشريط الحدودي خلال تبادل القذائف وإطلاق النار معهم، وذلك من خلال نتائج الحرب الذي تمكنت من تطهير الحدود وحققت مقتل وأسر أعداد كبيرة في صفوف المسلحين، منذ أن اندلعت المواجهات بين المسلحين والقوات السعودية. وكانت القيادة السياسية والعسكرية السعودية أصدرت قراراً بترحيل سكان القرى الحدودية المتداخلة مع اليمن إلى مواقع إيواء آمنة تم تجهيزها خلال فترة وجيزة. وكانت الأجهزة العسكرية تداركت خطورة بعض المباني السكنية المتاخمة على الشريط الحدودي، لجهة سهولة دخول عدد كبير من المسلحين المتسللين عبرها إلى الأراضي السعودية، ما أعطى الجيش السعودي زمام المبادرة في اصطيادهم قبل مغادرتهم المنطقة المحظورة على الحدود. وأعطى قرار ترحيل سكان القرى وعددها أكثر من 250 قرية خوفاً على حياتهم، وكذلك لضرورات التحرك العسكرية، القوات المسلحة مساحة للتحرك في نطاقها الميداني داخل الأراضي السعودية، وسهل عليها إعلان منطقة القتل، وإعطاء المتسللين إليها خيارين: الاستسلام أو القتل، كما قال مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان. وشهدت الطرقات الرئيسية التي ترتبط مدن المملكة بعضها البعض، قافلات من السيارات العسكرية والمدرعات وناقلات الجنود نحو الجنوب باتجاه منطقة جازان، حيث هناك أرض المعركة، وذلك ضمن خطط عسكرية لتحريك بعض الألوية العسكرية لتعزيز الجيش في القطاع الجنوبي، وبدأ الجيش خلال فترة وجيزة بالتمركز على الشريط الحدودي ونشر آلياته ضمن خطة عسكرية لتقسيم موقع «منطقة القتل»، إذ بدأوا على الفور بمواجهة المسلحين خلال ترصدهم في الجبال الثلاثة وهي دخان والدود ورميح التي شهدت مواجهات عنيفة. واستخدمت القوات المسلحة خلال حربها مع المسلحين، طائرات الأباتشي المروحية والمدفعية الأرضية والمدرعات والمشاة بأسلحتهم الخفيفة، وذلك من خلال رصد المسلحين خلال دخولهم إلى الأراضي السعودية أو من داخل الكهوف التي تحصنوا بها في الجبال الحدودية، وتمكنت الطائرات من إصابة أهدافها بدقة، فيما استطاعت المدفعيات الأرضية رصد إحداثيات منطقة تواجد المسلحين على الشريط الحدودي خلال فترة قصيرة، وحققت خسائر كبيرة في صفوف العدو، في وقت تستمر فيه الأجهزة العسكرية الأخرى في تمشيط الحدود على مدار الساعة، لكن وعورة التضاريس وامتداداتها دائماً ما يكونان في صالح المسلحين الذين يستغلون ساعات المساء، للصعود إلى الجبال والتسلل بين المزارع والأودية التي تكثر في منطقة جازان الحدودية، في محاولات فاشلة لضرب أهداف سعودية داخل «منطقة القتل». الاشتباكات المسلحة كانت تقع بشكل يومي بين عصابات المسلحين والجيش السعودي، لكن الغلبة في معظم الأحيان للسعوديين، خصوصاً مع امتلاكهم أسلحة وتقنيات عالية في رصدهم خلال فترة المساء وذلك بواسطة الكاميرات الحرارية والوحدات العسكرية، إلا أن المسلحين لجأوا إلى استخدام طرق وأساليب مختلفة لمباغتة القوات السعودية، بدءاً من الهجوم ليلاً، ثم استخدام الحيوانات المفخخة، ومن بعدها الاختباء وسط جماعات النازحين، والتخفي أحياناً بأردية النساء السوداء كوسيلة للتنكر، ثم سلوك الأودية والمزارع الكثيفة، وأخيراً الاختباء في الكهوف الجبلية وإطلاق النيران أو قذائف «الكاتيوشا»، لكن السعودية تمكنت من القضاء على كل موجة منهم بالطريقة المناسبة، من خلال استخدامها تقنيات عسكرية حديثة، وزرع أشخاص بين النازحين لاكتشاف الطارئين ووجود نقاط تفتيش كثيرة، إضافة إلى مساعدة النازحين أنفسهم، وصولاً إلى نصب الأسلاك الشائكة في الأماكن التي يسلكها المسلحون، وقصف الكهوف بالطائرات والمدافع. وأمام كل هذه الضغوطات العسكرية التي تفرضها السعودية على المسلحين، والفجوة الواسعة في التجهيز والقوة بين الطرفين، لم يجد قادة الجماعات المسلحة بداً من استخدام أسلحة «غير تقليدية» في حربهم، تمثلت ب «الأفكار الدينية المتطرفة» وزراعة الأماني في نفوس أفراد عصاباتهم عبر توزيع «صكوك» و«وشوم» تضمن للمقاتلين على الحدود «دخول الجنة»، وهذا اتضح من خلال من تم القبض عليهم من القوات السعودية ممن نفذت ذخيرتهم على الحدود، واستسلموا لرجال القوات المسلحة وقوات المجاهدين. وعلى الجبهة البحرية، استطاعت القوات البحرية السعودية قطع كل طرق التموين على المسلحين، عبر نشر قطعها البحرية في مياه المنطقة المتاخمة للسعودية واليمن، وتمكنت من تدمير زورقين داخل المياه الإقليمية السعودية دخلا إليها بطرق غير مشروعة في طريقهما إلى ميناء ميدي اليمني على ساحل البحر الأحمر. واستطاعت الحكومة السعودية احتواء أزمة المهجرين خلال أيام معدودة وتأمين المسكن والمعيشة لهم، عبر تأمين شقق مفروشة وغرف في الفنادق، أو إسكانهم في مخيمات تتوافر فيها كل الخدمات الأساسية، خصوصاً بعد أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء 10 آلاف وحدة سكنية لهم، سيستغرق بناؤها سنة.