لماذا لم تصوت سيدات الأعمال لمرشحاتهن لعضوية مجلس إدارة غرفة الشرقية؟ «لأن صوت المرأة عورة»، لذلك خرجن خاليات الوفاض للمرة الثانية على التوالي. قد يبدو الحديث مسلياً عن إخفاقات سيدات الأعمال، لكنه في واقع الأمر ليس كذلك، فهو مؤلم ومخيب للآمال، فقد كانت أمام السيدات فرصة لتعزيز تواجدهن في المشهد الاقتصادي، لكنهن أحجمن عن ذلك، ولا يمكن تحميل الناخبات هذا الإخفاق، بل يعود في المقام الأول للمرشحات أنفسهن، فلا يكفي أن تكون إحداهن عملت في شركة «أرامكو» لتصبح عضوة، ولا أن تخرج أخرى وتتحدث عن تجارب مرت بها في حياتها، بينما لو رآها أحد في الشارع لما تعرف عليها، وبخلاف ذلك كان ينبغي عليهن الانخراط بالفكر الانتخابي للوصول لما وصل له نظراؤهن الرجال. هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو العملية الانتخابية التي شهدتها المنطقة، البعض من الكتّاب الذين يجلسون في المدرجات «تحت الساعة» حاول بشكل أو بآخر أن يطعن في بعملية التصويت، بل واستنجد بوزير التجارة بعدما تحدث عن شراء الأصوات، كما تحدث عن إرسال احد رجال الأعمال حافلات أثارت زحاماً وفوضى، وكأن قاعة الانتخابات يجب أن يدخلها ناخب واحد فقط كل ساعة! شخصياً لم أشاهد ذلك الوضع السوداوي الذي تحدثوا عنه، وكنت إلى ما قبل الانتخابات بساعات أتوقع أن نشهد فوضى أكثر مما حصل في جدة، لكن هذه الاخيرة لا تزال وفضيحة انتخاباتها تحتل الصدارة، «فجدة غير»، وأجد انه من الإنصاف أن أتراجع عما ذكرته سابقاً، بل وان أثني على ما شاهدته من سلاسة في عملية الاقتراع لم ألمسها خلال متابعتي لخمس دورات انتخابية قمت بتغطية فعالياتها. وللدلالة على ما أقول فقد تمت الإشارة إلى أن الانتخابات ستكون ذات طابع طائفي، وتارة قبلي، لكن ما ينفي هذا الحديث جملة وتفصيلاً انه لم يفز من الشيعة الذين لديهم نحو 5 آلاف صوت على سبيل المثال سوى مرشح واحد، ولو كان هناك توظيف طائفي لفاز مرشحوهم الثلاثة، وليس مرشحاً واحداً كما حصل، وبالمثل بالنسبة للجانب القبلي، فلو تم توظيفه، لكانت أعلى نسب الأصوات من صالح مرشحيهم، لكن هذا أيضاً لم يحدث، ولعلي أفسر ذلك بالوعي الكبير الذي مارسه المرشحون من خلال التركيز على برامج مقنعة بالنسبة للناخبين على الأقل لكنها بعيدة كل البعد عن تلك التي حاول البعض تصويرها لتشويه صورة الانتخابات. نأتي الآن لعملية شراء الأصوات، فصحيفة «الحياة» توجهت باستفتاء أجرته عشوائياً في موقع الغرفة سألت من خلاله إذا ما تمت شراء أصوات؟!...، وكانت النتيجة أن 16 في المئة اقروا بوجودها، ولو تم سؤالي عن شراء الأصوات لأجبت بالتالي، انعدام الثقافة الانتخابية قد يفعل ما هو أكثر من ذلك، فعلى سبيل المثال احد رجال الأعمال أكد لي قبيل الاقتراع انه لن يقيم مخيماً ولن يدفع ريالاً واحداً للناخبين، فأجبته على الفور، «أحسن الله عزاءك، في النتيجة» ولم أكن حينها أنجم، فصغار الناخبين عندما يقعون بين خيارين، مجاملة لأحد التجار، او تحقيق مكسب مادي في يوم واحد يعادل نصف ما يحققه في سنة، فسيكون الخيار الثاني هو الأرجح، ففي نهاية المطاف صغار الناخبين الذين يشكلون نحو 70 في المئة من إجمالي عدد الذين يحق لهم التصويت لا يلمسون تلك الفائدة العظيمة من الغرفة التي تدفعهم للوقوف طوابير للإدلاء بأصواتهم. لذلك لا ينبغي لنا أن نتشبث بهذه الظاهرة المتلازمة مع هذه العملية في أرجاء المعمورة، ونغض النظر عن النجاحات التي تحققت، بل إن المستوجب هو إذكاء هذه الثقافة من خلال توعية الناخبين بضرورة محاسبة مرشحيهم على الوعود التي منحوهم إياها وهو الجانب المفقود حتى الآن. وما لم نعزز هذا الجانب سنشهد المزيد من الظواهر السلبية في أي عملية انتخابية سيتم تنظيمها، بل إنها ستتفاقم، وإذا ما سعت الوزارة إلى فرض المزيد من الوصاية على مجالس إدارات الغرف سيكون الوضع أكثر سوءاً، فمن الضروري منح رجال الأعمال الثقة في إدارة شؤونهم وعدم السعي لتقليص هذه الثقة من خلال خطوات وقرارات لا تتناسب مع ظرفية الزمان الذي نعيشه وتعزيز فرص هجرة رؤوس الأموال نتيجة لذلك. أما إذا كنا سنستسلم لرسائل نصية تدعي وتروج، فالأولى أن نقول لمن يصدقهم «اللي بالمدرج يتفرج يا شباب»...! [email protected]