الأنسة أميرة أرسلت الخميس الماضي، تطلب مني الحديث عن «المسترجلات»، وكان حديثها أفضل مما سأكتب، إذ تقول في مقاطع متفرقة من الرسالة: «لما أروح الملاهي، مستحيل أمشي لثانية لحالي، لازم صديقاتي يكن معي، لأنهن والله بكل زاوية في الملاهي الله يهديهن ويصلحهن»، ثم تضيف: «الفتيات في المجتمع السعودي المحافظ والمتمسك بالعادات والتقاليد يعاني أغلبهن من الفراغ، خصوصاً الفراغ العاطفي، كثيرات منهن يفتقدن حنان الأم والأب ولا يجدنه، وبالتالي سينعكس ذلك على سلوكياتهن، ومن بين سلوكياتهن التي قد تظهر الاسترجال، من مشي وكلام ولبس، وقد يتعدى ذلك إلى ميولهن، وقد يتطور مع رفقة السوء، واستخدام النت بشكل خاطئ»، وأخيراً تقول: «هناك فكر سائد عند الأهل أنه ليس بمشكلة، إنها مسألة وقت وستعود الفتاة كما كانت، ولكنهم يجهلون أنه مرض يسيطر على العقل والجسد، ولا بد من معالج نفسي، لمعرفة المسببات وعلاجه من جذوره، حتى لا يعود ويتجدد». ويوم الجمعة قالت السيدة وداد اللوتاه مؤلفة كتاب «سري للغاية» للزميل تركي الدخيل في إضاءاته الأسبوعية، كلاماً مهماً كثيراً حول مسائل عدة منها «البويات»، ولفتني منه مسألة الحلية وملامح الأنوثة، التي يتجاهلها الأهل لتنمية الحس الأنثوي، وكتبت العام الماضي في هذه الصحيفة في صفحة «وجهات نظر» بعنوان «انقراض الأنوثة» حول خشونة الملابس لدى البنات ومنها «الجينز»، الذي يلبسه الرجال للأعمال الشاقة، وهو كان رمزاً ومثالاً، وليس مقصوداً بذاته، ولفت إلى كثرة انتشار ملابس وعطور وأحذية وقبعات «اليونيسكس»، أي المقبول لبسها للجنسين على حد زعم الموضة. الحس الأنثوي لدى الفتاة يوأد إذا فرض عليها اللعب كالصبيان واللبس مثلهم، بل وحتى تشجيعها على «القشارة» وهي صغيرة، ظناً بأن ذلك أحفظ لها، والعكس صحيح مع الصبيان، مع وضع كلمة نعومة في مكان كلمة خشونة. الحنان كعاطفة ومع عواطف كثيرة هو محور أساسي لكثير من الانحرافات، والإدمان أحياناً، والشذوذ نادراً، فقبلوا أبناءكم، واحتضنوا أفكارهم ولو بدت غريبة، واستثمروا أوقاتكم معهم، ولا تتساهلوا في كثير من التفاصيل الصغيرة التي تتجمع لتشكّل شخصيات ذكور يستأنثون وإناث يسترجلن. محمد اليامي