في برنامج «اليوم» على قناة الاقتصادية، طلب مني التعليق على رسم كاريكاتيري لامرأة احترق منزلها او هو مطبخها، وهي «فاقة خشتها» على جهاز «البلاك بيري»، ثم طرح السؤال الآتي: لماذا كلما ظهرت تقنية جديدة انكب عليها من يحتاجها ومن لا يحتاجها، ومن يفقه فيها ومن لا يفقه؟ فأجبت بانني اعتقد ان المسألة تتعلق بالترفيه. نعم، وسائل الاتصال التي صممت بعض برامجها لخدمة قطاعات الاعمال، او تقديم حلول تواصل اقل كلفة للمغتربين للدراسة والعمل يعتبرها الكثيرون وسيلة ترفيه، وكلما كانت تقنية أحدث كانت محل «تشخيص»، والسؤال الأهم لماذا هذا العطش الى الترفيه؟ الاجابات متعددة ، والاسباب كثيرة منها معروف، واسطوانة الافتقاد الى المسرح والسينما واماكن الترفيه المحترفة اصبحت مملة، ويبدو ان كلمة «طفش» التي تعني الملل من أكثر الكلمات المسموعة بخاصة بين اوساط الشباب وربات البيوت. وهناك ما هو «العن» من «الطفش»، وهي كلمة «تكاك»، اذ يقول الانسان للسائل عن حاله «جاني التكاك« او «فيني التكاك» كناية عن ضيق الصدر غير المبرر او معروف السبب، ويقابله قولهم «انتكيت» من كثر «الطفش». وحاولت استقصاء مصدر الكلمة واشتقاقها، ولم افلح فخمنت انها مستوحاة من دقات ساعة القنبلة عندما «تتك» بالطريقة المعروفة «تك .. تك .. تك» قبل انفجارها على التوقيت المبرمج، لكن الفرق هنا ان انفجار الشخص «المنتك» غير محدد الوقت، وبالتأكيد هو غير محدد الحجم، والاتجاه، والعواقب. قديماً اذا ضاق صدر المرء سافر يجوب البلاد او خرج للبرية او للصيد، واليوم مع ارتباط الناس بالوظائف وجداول الاجازات والدراسة باتت مثل هذه الحلول شبه مستحيلة، ثم ان عوامل الضغط المحسوسة وغير المحسوسة على نفسية البشر كانت قليلة، وكان تنفيسها سهلاً لصدق الناس ووضوحهم، واليوم باتت الديبلوماسية المنزلية والاجتماعية تحتم على الكثيرين كتم «انتكاكهم»، حتى ينفجر حماقة ما في الوقت الضائع غالباً. يتقاطع هذا الشعور مع الاكتئاب، ولأن ذكر الاكتئاب يحيل الى الطب النفسي، وربما الى العلاج، وغير نظرة الناس، الا ان المتأمل بعمق لا يمكنه الا اعتباره نوعاً من الاكتئاب غير المعترف به، وهو غالباً له اسباب، يعلمها، يتجاهلها ويتناساها فتذهب الى عقله الباطن، لكن استخدام التعبير عن الضيق من دون سبب واضح يكون اكثر قبولاً عن الآخر. «تكتك» اسلوب حياتك فربما استطعت محاربة «التكاك». [email protected]