اعتبر المفكر الفرنسي الراحل كلود ليفي ستروس أن الطبخ يشكل جزءاً مهماً من ثقافة الإنسان في مختلف عصور تطوره. كما اعتبر المفكر والروائي الإيطالي أمبرتو ايكو أن تحقيق كتب الطبخ لمبيعات هامة مسألة طبيعة، فالإنسان «دائماً مشغول بمعدته أكثر من أي شيء آخر». ومن هنا فالاهتمام ببرامج الطبخ وتقديمها للمشاهدين مسألة إعلامية جديرة بالمتابعة الصحافية، نظراً لاهتمام الناس بها بشكل كبير خصوصاً النساء منهم. وقد اشتهرت في المغرب بعض البرامج المتعلقة بالطبخ إلى حدود أن تحول مقدموها إلى وجوه تلفزيونية معروفة، بل إن بعضهم زاوج بين التمثيل وعملية تقديم هذا النوع من البرامج التي تتطلب بالإضافة إلى المعرفة بفنون الطبخ مهارة لا تقل عنها في عملية التنشيط ومحاورة الضيف الطباخ إن وجد أو تمت عملية استضافة إما بشكل مستمر ودائم أو بشكل ظرفي كلما استدعت الضرورة ذلك. نذكر من بين هذه البرامج برنامج «وليمة» الشهير، ثم برنامج «مائدة» وهما برنامجان تلفزيونيان عرفا معاً شهرة كبيرة في المغرب، وكانا يقدمان على القناة التلفزيونية المغربية الأولى كما عرف مقدمهما الراحل عبدالرحيم بركاش شهرة كبيرة بفضلهما. وذلك يعود بالضرورة إلى الطريقة التي استطاع بها أن يقدم في هذين البرنامجين معاً. الأكلات التي كانت تنجز داخل البلاتوه، وتستدعي متابعة الناس وانتباههم. كما كان لثقافته الواسعة سواء في مجال الطبخ أو في المجال النفسي البسيكولوجي أو في طرق التخاطب مع المشاهدين دور هام في إنجاح هذين البرنامجين وذيوع صيتهما لدى المشاهدين وبالتالي تحوله هو أيضاً إلى نجم تلفزيوني ناجح. وبعد هذين البرنامجين الناجحين تتألق مقدمة برامج الطبخ شميشة الشافعي التي قدمت وما زالت تقدم برنامجها الشهير «شهيوات شميشة» الذي تقدمه بشكل يومي على القناة التلفزيونية المغربية الثانية «دوزيم» وبرنامج «شهيوات بلادي» الذي تقدمه بشكل أسبوعي على نفس القناة وهو بشكل من الأشكال امتداد للبرنامج الأول، حيث تخصص حلقته الأسبوعية لزيارة منطقة مغربية معينة وتقديم ما تمتاز به من أكلات خاصة بمعية ضيفة من المنطقة تكون خبيرة في مجال الطبخ وعالمة بأسراره. وهي فكرة هامة تأخذ طابعاً ثقافياً وحضارياً متكاملاً يعرّف بالأكلات المغربية بشكل عام ويقوم بتقديمها بشكل تعريفي كامل مع يعرف بالمنطقة وبما تمتاز به من أكلات وعادات متعلقة بها. ونظراً لنجاح شميشة الشافعي المعروفة اختصاراً باسمها «شميشة» في هذا المجال، تحولت هي الأخرى إلى وجه تلفزيوني معروف متداول ومحبوب خصوصاً وهي تتميز باللطف وبابتسامتها الهادئة والمرحة في ذات الوقت وبطريقتها البشوشة وبملامحها الطيبة في تقديم طريقة تهيئ الأكلات أو في محاورة ضيوف برنامجها. هذا دون أن ننسى برامج أخرى تتعلق بمجال الطبخ وتقدم على شاشة التلفزيون المغربي والتي لها محبوها ومتتبعوها بطبيعة الحال. لقد كان للنجاح القوي الذي حققه كل من برنامجي الطبخ اللذين كان يقدمها عبدالرحيم بركاش على القناة التلفزيونية الأولى «وليمة» و «مائدة» والبرنامجين اللذين تقدمهما الآن شميشة الشافعي على القناة التلفزيونية المغربية الثانية «دوزيم» أن قام كل من هذين المقدمين التلفزيونيين بإصدار مجموعة من الكتب المتعلقة بفن الطبخ المغربي بشكل إخراجي متميز. والجميل في الأمر أن هذه الكتب المتعلقة بمجال الطبخ المغربي قد عرفت هي الأخرى نجاحاً ملحوظاً ما حدا بالكثير من المؤلفين وخصوصاً النساء منهم إلى إصدار كتب أخرى تتحدث عن الطبخ المغربي وتقدم مجموعة من طرائق تهيئ الأكلات المنتمية إليه. وهو أمر ايجابي يشكل إضافة إلى المكتبة المغربية والعربية في هذا المجال.