أسدل القضاء المصري أمس الستار على قضيتي «التخابر» و «اقتحام السجون»، والمتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات في جماعة «الإخوان المسلمين» وحركة «حماس» الفلسطينية و «حزب الله» اللبناني، وأصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً يمهّد لإعدام مرسي ومعه مرشد «الإخوان» محمد بديع ورئيس اتحاد علماء المسلمين يوسف القرضاوي الموجود في قطر، إضافة إلى قيادات في حركة «حماس» و «حزب الله» بعدما دانتهم في قضية الهروب من سجن وادي النطرون خلال الأيام الأولى لثورة كانون الثاني (يناير) العام 2011، فيما نجا مرسي من حكم آخر بالإعدام في قضية «التخابر» مع جهات ومنظمات أجنبية والتي فصلت فيها المحكمة نفسها أمس أيضاً بحكم يمهّد إلى إعدام 16 متهماً في القضية أبرزهم نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر. وكانت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، قررت في جلستها أمس إحالة أوراق 107 متهمين من بين 129 متهماً في القضية، على مفتي الديار المصرية، لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامهم، وحددت 2 الشهر المقبل للنطق بالحكم في القضية عقب ورود رأي المفتي. وأدرج الرئيس المعزول ضمن لائحة المحالين على المفتي والتي ضمت أيضاً 6 متهمين قيد السجن الاحتياطي، أبرزهم مرشد الإخوان محمد بديع، ونائبه رشاد البيومي، ورئيس البرلمان السابق رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني، والقيادي في الحزب عصام العريان، فيما شملت اللائحة 101 متهم هارب أبرزهم: رئيس اتحاد علماء المسلمين يوسف القرضاوي، ونائب المرشد محمود عزت، ووزير الإعلام السابق صلاح عبدالمقصود، إضافة إلى الجهادي رمزي موافي، والذي كان طبيباً لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، و70 من قيادات حركة «حماس» الفلسطينية، يتقدمهم أيمن نوفل ومحمد الهادي ورائد العطار، والقياديين في «حزب الله» اللبناني محمد يوسف منصور وشهرته «سامي شهاب» وإيهاب السيد محمد مرسي وشهرته «مروان» واللذين صدر عليهما في نيسان (أبريل) 2010 حكم قضى بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً للأول (شهاب) والسجن المشدد لمدة 10 سنوات للثاني (مروان) في قضية الخلية الإرهابية ل «حزب الله»، علماً أنهما تمكنا من الفرار من السجن في أعقاب اقتحامه خلال الثورة التي أطاحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011. أما في ما يتعلق بقضية «التخابر»، فقد أصدرت المحكمة قراراً بإحالة أوراق 16 متهماً، من بين 36 متهماً، على مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامهم جميعاً. وحددت 2 الشهر المقبل أيضاً لإصدار الأحكام عقب ورود رأي المفتي. وشملت لائحة المحالين على المفتي ثلاثة متهمين قيد السجن هم: نائب المرشد الرجل القوى في «الإخوان» خيرت الشاطر، وعصام العريان، ومحمد البلتاجي، وضمت 13 آخرين فارين أبرزهم: نائب المرشد محمود عزت، ووزير الإعلام السابق صلاح عبدالمقصود، فيما لم تطل اللائحة اسم الرئيس المعزول محمد مرسي، ما يعني أنه نجا من عقوبة الإعدام وينتظر صدور حكم بسجنه في حال إدانته بالتخابر. وكان مرسي عوقب بالسجن لمدة 20 عاماً، الشهر الماضي، في القضية المعروف ب «أحداث قصر الاتحادية». وهو ظهر أمس داخل قفص المحاكمة مرتدياً زي السجن الأزرق. أما المرشد محمد بديع فكان قد حكم بالإعدام في قضيتي أحداث عنف، وهو ظهر أمس في المحكمة مرتدياً زي الإعدام «الأحمر». وكانت النيابة وجّهت إلى 36 متهماً بينهم مرسي تهماً تتعلق ب «التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها». وتنظر محكمة أخرى في محاكمة الرئيس المعزول بتهمة «التخابر» لمصلحة قطر. وكان المتهمون جميعاً أودعوا قفص الاتهام في العاشرة صباحاً، عدا مرسي ورئيس ديوانه رفاعة الطهطاوي اللذين أودعا قفص الاتهام المنفصل في الحادية عشرة صباحاً، وقام المتهمون بالالتفاف حول بعضهم ورددوا هتافات مسيئة للجيش والقضاء، وحاولوا إظهار تماسكهم برفع أياديهم في الهواء وترديد الأناشيد والشعارات، حيث تزعّم محمد البلتاجي عملية ترديد الهتافات. قبل أن تعتلي هيئة المحكمة المنصة واستهلت جلسة النطق بالأحكام، بالإشارة إلى أنها ورد إليها خطاب رسمي من قطاع مصلحة السجون، يفيد وفاة المتهم فريد إسماعيل (أحد قيادات الإخوان والمتهم في قضية التخابر) في 13 الشهر الجاري، في مستشفى المنيل الجامعي. كما ورد للمحكمة خطاب آخر بنتيجة توقيع الكشف الطبي على المتهم أحمد العجيزي والذي أصيب بحالة إعياء شديدة تطلبت نقله إلى مستشفى في القاهرة الجديدة، حيث أفاد أمام الأطباء المعالجين بأنه يعاني قرحة في المعدة وأنه يعالج منها في مستشفى السجن، وجاءت نتيجة توقيع الكشف الطبي عليه لتفيد باستقرار حالته وأنه يدرك جيداً الأمور من حوله وأنه ليس في حاجة إلى تدخل من الطبيب. وكانت المحكمة نظرت كل قضية من القضيتين على حدة، حيث بدأت أولى جلسات قضية اقتحام السجون في 28 كانون الثاني (يناير) العام الماضي، في حين بدأت جلسات قضية التخابر في 16 شباط (فبراير) العام الماضي، وعقدت المحكمة جلسات متعاقبة لنظر القضيتين، استمعت خلالها إلى طلبات ودفاع ودفوع المتهمين، واستمعت إلى المتهمين، وقامت بفض الأحراز ومشاهدتها، والاستماع إلى مرافعات هيئة الدفاع والنيابة العامة، وسُمح للمتهمين ودفاعهم في جلسات القضيتين بإبداء ما يعني لهم من طلبات. وقال (رويترز) عبدالمنعم عبدالمقصود محامي مرسي أن المحامين سينتظرون رأي المفتي وحكم المحكمة في الثاني من حزيران (يونيو) المقبل. وأضاف للصحافيين: «اليوم صدر قرار وليس الحكم، وبالتالي دعونا ننتظر حتى يودع المفتي رأيه في هذه الدعوى، ثم بعد ذلك ننتظر ما ستنتهي إليه المحكمة في 2 يونيو المقبل، ثم إذا صدرت أحكام بالإدانة في هذه القضايا فسيتم اتخاذ كل السبل القانونية للطعن عليها أمام محكمة النقض. هذا بالنسبة إلى كل المتهمين ما عدا الرئيس مرسي الذي لا بد من الرجوع إليه أولاً قبل أن نتخذ أي خطوة بالطعن على هذه الأحكام التي تصدر ضده لأنه غير معترف بهذه المحاكمة». ويمكن مرسي الطعن على الحكم، على رغم أنه قال أن المحكمة غير قانونية. وقال محمد عبدالوهاب المحامي المدعى بالحق المدني بقضية الهروب من سجن وادي النطرون، أنهم طلبوا إنزال أقسى عقوبة بالمتهمين وهذا ما حصل في القرار الصادر أمس. وسارعت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى دعوة أنصارها إلى «التصعيد» عقب جلسة المحكمة، وأعلن تحالف «دعم الشرعية» الذي تقوده الجماعة رفضه محاكمة مرسي، داعياً أنصاره إلى ما اعتبره «تصعيد النضال والمشاركة بفعالية في الموجة الثورية» الممتدة حتى 3 تموز (يوليو)، (ذكرى عزل مرسي)، تحت شعار «النصر والقصاص»، مؤكداً أنه ماض في سبيل إسقاط ما وصفه ب «الانقلاب»، و «تحرير الرئيس الشرعي للبلاد»، مشدداً على استمرار «الموجة الثورية حتى النصر والقصاص».