أطلق رئيس جهاز الأمن العام الاسرائيلي (شاباك) يوفال ديسكين جملة تصريحات في اليومين الأخيرين أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس دلت إلى معارضته الإفراج عن أسرى فلسطينيين «كبار» ممن تطالب «حماس» بإطلاقهم في مقابل الإفراج عن الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت، وإلى معارضته الإفراج عن الأسير القيادي في حركة «فتح» مروان البرغوثي «الذي كان الروح الحية وراء الانتفاضة الثانية»، محذراً من أن الإفراج عن الأخير وعن أسرى «كبار»، مع غياب تحرك سياسي، قد يدفع نحو انتفاضة فلسطينية ثالثة. كما اعتبر التوصل إلى صفقة تبادل «صفعة لرئيس السلطة الفلسطينية»، لكنها لن تسقط حكمه. وأعلن أن الفصل القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة يفيد إسرائيل أمنياً مستبعداً مصالحة قريبة بين «حماس» و «فتح». وفي استعراضه الأوضاع الأمنية أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس، توقع ديسكين أن تكون السنة الجديدة «هادئة»، مستبعداً انتفاضة أخرى كما حصل عام 2000، لكنه استدرك قائلاً: «هذا مشروط بعدم وقوع حادث دراماتيكي من شأنه أن يشجع على الإرهاب» مثل القيام (المتطرفين اليهود) بعملية تفجيرية في المسجد الأقصى المبارك أو حرق مساجد «ما قد يدفع نحو الإنفلات». وأضاف أنه لا يلحظ في أوساط الفلسطينيين «رغبة بالعودة إلى الإرهاب» على غرار ما حصل عام 2000، لكن في المدى الأبعد من عام 2010، وفي حال تم استبدال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «أبو مازن» بزعيم آخر مثل (مروان) البرغوثي «صاحب السجل الإرهابي»، وفي حال أطلق أسرى «حماس» إلى الضفة «الذين في وسعهم إعادة بناء قواعد الإرهاب»، وفي غياب غاية سياسية ومع شعور بأن لا مخرج من الوضع الراهن، «كل هذا من شأنه أن يشجع ميدانياً على العودة إلى النشاط الإرهابي كالذي عرفناه في الماضي». وعزا ديسكين انخفاض العمليات العسكرية (ضد إسرائيل) في قطاع غزة إلى عملية «الرصاص المصبوب»، وقال إن انخفاضاً طرأ على إطلاق قذائف صاروخية، «وهذه السنة لم يسجل أي عملية استشهادية .. أحبطنا عدداً منها». المرشحون لخلافة «أبو مازن» ورداً على سؤال عن المرشحين المحتملين لخلافة «أبو مازن»، قال إن «البرغوثي يقبع في سجن إسرائيلي. نحن الذين نتسبب في أن يكون مرشحاً جدياً ... وإذا لم نهتم بذلك سيكون مثل أي أسير آخر ... الأمر متعلق بنا. إن صوره مع القيود رافعاً يديه تساعد في أن نجعل منه أسيراً مهماً ... ها هي السلطة تتدبر أمرها من دونه. إنه مع ماض إرهابي، وهو بكل تأكيد يضحك على كثير من الإسرائيليين». وكان ديسكين قال اول من أمس في ايجاز قدمه في مؤتمر لسفراء إسرائيل في أنحاء العالم في مقر وزارة الخارجية، إنه خلافاً للشائع في إسرائيل بأن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هو من أطلق شرارة انتفاضة عام 2000، فإن «البرغوثي هو الذي كان الروح الحية التي أطلقت الانتفاضة الثانية وليس عرفات ... والمشكلة أن الانتفاضة خرجت عن سيطرة البرغوثي». وأشار ديسكين إلى ثلاث شخصيات مرشحة لخلافة عباس هي: رئيس الحكومة الفلسطينية السابق أحمد قريع (أبو علاء) «لكنه لا يتمتع بشعبية بين الفلسطينيين»، ورئيس الحكومة الحالية سلام فياض «لكنه سيواجه صعوبة في خلافة عباس لأنه ليس عضواً في فتح»، وأبو ماهر (غنيم) أحد قياديي «فتح» في تونس «الذي كان معارضاً في الماضي لابو مازن، لكنه اقترب منه اليوم»، مضيفاً أن الفلسطينيين يرون في غنيم «شخصية نظيفة من ناحية الفساد». صفقة التبادل صفعة لعباس وعن صفقة تبادل الأسرى، قال ديسكين لأعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية إنه كرئيس ل «شاباك» لم يطرح موقفه النهائي بعد، «وأشارك في كل المشاورات وأتطرق الى نقاط عينية ومختلف المعطيات، وسأعلن موقفي النهائي من الصفقة عندما تطرح نهائياً امام المنتدى الوزاري السباعي». وأمام السفراء، قال ديسكين إن صفقة تبادل الأسرى «ستكون صفعة على خد أبو مازن وإنجازاً كبيراً لحركة حماس لدى الرأي العام». وأضاف ان «أبو مازن» يدرك ذلك «وهو يعد نفسه لامتصاص الضربة وفي جميع الأحوال فإن هذه الصفقة ليست هي التي ستسقطه». وتابع أن «أبو مازن ضعيف، لكن لا بديل عنه في هذه المرحلة». «الجهاد تعزز نفوذها» وقال ديسكين ان «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تواصلان تعزيز قدراتهما العسكرية، مضيفاً ان «حماس» تلقت ضربة في عملية «الرصاص المسبوك» وتحافظ على الهدوء «لكن هذا ليس للأبد ... قدراتها اليوم أفضل مما كانت عليه عشية العملية قبل عام ... أيضاً طرأ تحسن على قدراتها على تهريب الأسلحة وفي منظومتها الدفاعية داخل القطاع. إنهما لا تبحثان عن الانتصار على إسرائيل. الانتصار بالنسبة اليهما يتمثل في عدد القذائف التي تطلقانها وفي الضرر الذي تلحقانه». وتوقع أن تواصل «المنظمات الإرهابية» جهودها عام 2010 لتعزيز قدراتها ولتهريب الأسلحة، مضيفاً: «إنها تبذل جهوداً لتهريب القذائف الصاروخية ذات مدى يفوق 50 كيلومتراً وقذائف مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدبابات». وتابع أن جهازه يلمس اتساع نفوذ «الجهاد الإسلامي» عبر انضمام منظمات صغيرة وأفراد أو عشرات من منظمات صغيرة. وأضاف أن «حماس» قلقة من ذلك «رغم أنها (الجهاد) لا تهدد سلطتها بعد، لكنها تشكل مصدر إزعاج لها». وزاد أنه في أوساط الجيل الشاب من الفلسطينيين «تحظى الجهاد بشعبية متزايدة». المفاوضات السياسية وعن المفاوضات السياسية، قال ديسكين إنه سيكون صعباً على إسرائيل تطبيق اتفاق سياسي في حال التوصل إليه طالما لم تحصل مصالحة بين «حماس» و«فتح»، و«أنا لا أرى وضعاً تعود فيه السلطة الفلسطينية إلى القطاع بموافقة حماس، أو أن تعود حماس إلى الضفة الغربية بموافقة السلطة ... الفجوة بين الضفة وغزة تتعمق باستمرار من النواحي العقلية والسياسية وحتى الدينية». وأضاف أن الفصل بين الضفة والقطاع «جيد من الناحية الأمنية لإسرائيل ... وسيكون خطأ أمنياً فادحاً إعادة الربط بين القطاع والضفة لأن من شأن ذلك أن يتيح بناء قواعد للإرهاب تمس بإسرائيل». وتابع أن «أبو مازن صعد إلى شجرة عالية لاعتقاده أن الأميركيين سيحضرون له كل ما يريده على طبق من فضة». وأضاف: «إذا لم يكن هناك أحد ينزله عن الشجرة، فإنه قد ينصرف إلى البيت».