لم يعد المطرب راغب علامة يوفر أي مناسبة للكلام عن البيئة والتلوث الذي يتهددها، بعدما عيّنه برنامج الأممالمتحدة سفيراً للبيئة. وقد أطل أكثر من مرة على الشاشة الصغيرة بصفته «سفيراً» بيئياً وليس كمطرب لم يتورّع مكتب برنامج الأممالمتحدة عن وصفه بال «سوبر ستار». واللافت في إطلالاته التلفزيونية تلك أنه لم يدّع امتلاك ثقافة بيئية ولم يعمد الى طرح الحلول عشوائياً كما يفعل «النجوم» عادة. لكنه لم يمنع نفسه من الكلام عن شؤون البيئة وشجونها، انطلاقاً من كونه «نجماً» يحب البيئة، ودعا جمهوره - لا ندري ما حجم هذا الجمهور - الى التصالح مع البيئة والحفاظ عليها والى عدم إيذائها... وعندما سأله أحد الإعلاميين عن كيفية الحفاظ على البيئة، أجابه بأن هذا الأمر من اختصاص العلماء وهو يستطيع فقط أن يطلب من جمهوره الحفاظ على البيئة. وبدا في جوابه على ثقة تامة بأن جمهوره سيلبّي طلبه للفور، فجمهوره حضاري ومتذوق للفن ومحب للجمال... طبعاً يسرّ المشاهد أن يرى راغب علامة وأن يستمع إليه يتحدث عن قضية طالما كانت غريبة عنه، وليس عن عالم الطرب وسوق الأسهم الفنية وعن المطربة فلانة والمطرب علاّن وعن «النجومية» والأمجاد وعن التزاحم على سرقة قلوب الجمهور... يسرّ المشاهد عندما يرى «نجماً» أو «سوبر ستار» مثل راغب علامة يتواضع وينزل من برجه الذهبي ليتحدث عن قضية ما كان ليفكر بها لو لم يعين سفيراً لها. وقد جعل هذه القضية ذريعة لترسيخ شعبيته عوض أن يجعل شعبيته ذريعة لدعم هذه القضية. هل تأثر جمهور راغب علامة بما نادى به مطربه عبر الشاشات الصغيرة أو الحوارات الصحافية؟ هل أدرك جمهوره ماذا يعني أن يعيّن هذا المطرب سفيراً للبيئة؟ هذا الجمهور تابع حتماً وباهتمام الإعلان اللافت والمثير عن الحفلة التي سيحييها راغب علامة مع «النجمة» الأخرى هيفاء وهبي في إحدى صالات بيروت ليلة رأس السنة. وهذه الحفلة الضخمة بدأت تشغل الجمهور منذ الإعلان عنها لا لأهميتها الفنية، فهي حفلة من حفلات رأس السنة، بل لارتفاع أسعار بطاقاتها التي ستباع في السوق السوداء. والجمهور الذي يخاطبه راغب علامة في شأن البيئة ليس هو الذي سيشاهده يغني مع هيفاء وهبي «النجمة» الأخرى التي ستزاحمه في تألقها «الشكلي» أو الخارجي، بل جمهور آخر، يقدر عادة على دفع مبالغ كبيرة لقضاء ساعات قليلة، طرباً وهيصة وتعتعة... ووسط هذا الجو «الملوّث» بدخان السجائر و «السيكارات» وطرطقة الصحون والكؤوس، لن يتذكر راغب علامة أنه سفير للبيئة، سينسى حتماً، فالجوّ ليس جواً بيئياً وما من كاميرات تنقل آراءه في شؤون البيئة الملوثة. ترى هل يفكر برنامج الأممالمتحدة يوماً في تعيين سفير للبيئة الغنائية أو الفنية التي لوثها المال والابتذال والانتحال...؟