ذات يوم، ليس بالبعيد، عاش صبي، في مثل عمرك تقريباً، مع اسرته، في قرية صغيرة، تشبه هذه القرية، وليست بالبعيدة. لم تملك الاسرة مالاً كثيراً. كان الاب حجّاراً، والام ربة منزل، تطبخ طعاماً لذيذاً. وكان لكل ولد دوره في أشغال البيت. أما فتانا فيؤدي دور الراعي. كل صباح يأخذ الخراف الى البرية. يراقبها تأكل ويتأكد من بقائها محمية من الذئاب والثعالب والضباع الشاردة. أحبه القطيع ووثق به فلم تهرب نعجة ولا ضاع خروف، مما جعل عمله سهلاً، فكان يجد وقتاً للعب كل يوم. في البداية، لعب بالقضبان والحجارة: صنع مزرباً للخراف من العيدان وجعل الحصى الصغيرة خرافه. لكن الحملان الحقيقية سرعان ما جاءت الى زريبته لتسترعي انتباهه، فتوقف عن اللعب بالاغصان والحجارة وأصبح واحداً من الحملان، يتقافز معها، ويحبو متظاهراً بأكل الخزامى البرية. وحين عاد الى البيت في المساء، تمنى لو انه حمل، لأنه تمتع كثيراً باللعب مع القطيع. وقبل ان يأوي الى النوم سمع والديه يتشاجران حول المال. «لدينا افواه كثيرة لنطعمها»، قالت الأم، «كيف نجد لها ما يكفي؟»، «لدينا القطيع» قال الاب. «لدينا بعض المال. انا اشتغل. سوف نعيش. نملك ما يكفي لأجيال». لكنهما لم يتوقفا عن الشجار، ونام الصبي على مضض. في اليوم التالي لعب دور الحمل مع الحملان مرة اخرى تحت أنظار النعاج. ركض وقفز وتداعب مع الخراف الصغيرة. وعاد الى البيت سعيداً جداً، لكن حين فتح الباب ليخبر والديه عن يومه وجدهما يتشاجران. «كيف لك ان تقطع وعداً كهذا؟ ليس لدينا ما يكفي لإطعام اولادنا وها انت تريد اقامة مأدبة؟ ألا ضمير لديك؟ ألا تعرف كم وضعنا صعب؟» قالت الأم. «كيف تجرؤين؟» صاح الأب. اننا نتكلم عن البك. عن شرف عظيم. حين يزورنا يتبارك بيتنا. لا افهم كيف لا تريدينه في هذا البيت. معظم الناس تموت على فرصة كهذه». همست الأم «ماذا فعل البك لأسرتنا؟» الأب صفعها. الصبي ركض الى غرفته. قبل النوم صلّى الصبي بحرارة. تمنى ان يكون حملاً وأن يلهو طوال النهار من دون هموم. تمنى ان تكون اسرته سعيدة. تمنى ان يكون هو من يمنحها السعادة. كان يحب اسرته كثيراً. وفي اليوم التالي استيقظ في زريبة الخراف. تطلع حوله ورأى كل رفاقه، الحملان الاخرى سعيدة لأنه معها، هو واحد منها. ثاغت فرحاً. وتقافزت في كل اتجاه. خرج الأب والأم من البيت ومشيا نحو الزريبة. «خطر، خطر» قالت النعجة الأم. «جاء الأشرار». «كلا، كلا» قال الصبي. «ليسوا أشراراً. انهم اسرتي». «عندما يأتيان معاً»، قال خروف «يختفي واحد منا». وصل الاب والام الى الزريبة. حاولا اختيار الحمل المناسب. «انظرا إلي! انظرا إلي!». قال الصبي. «هذا» قالت الام «انه حرّار». «يبدو سميناً مكتنزاً» اضاف الاب. ثم وضع الحبل حول عنق ولده وسحبه من الزريبة. «الحمل المسكين»، قالت النعجة الأم وهي تراقبه يبتعد. «ابي ابي انا الآن حمل، أليست هذه معجزة؟» وأخذ ابوه السكين وجزّ عنقه. وراقب الحمل الصغير دمه يسيل. وقطع الأب رأسه. وعلقه من كاحليه لينزف كل دمه. وبدأت امه تسلخه بيديها. ترفع جزءاً من الجلد وتلطم بين الجلد والجسم ثم تسلخ ثم تلطم ثم تسلخ ثم تلطم الى ان فصلت الجلد كله حتى الكاحلين. وطبخته امه على نار خفيفة. ابوه انتظر. امه طبخت. اخوته ساعدوا في تهيئة المائدة تحت السنديانة المعمرة. شقيقاته نظفن البيت ونظفن ونظفن. وارتدين اجمل ما عندهن. وقت الغداء اصطف الجميع منتظراً. الام احتارت اين يكون ولدها الغائب. اخوته قالوا انه لا بد سارح في مكان ما كالعادة. وقد تمكن اخيراً من الافلات من اعمال المنزل، ذلك المحتال الصغير. انتظرت الاسرة وانتظرت وانتظرت. اخيراً، جاء المختار وقال ان البك قرر ألا يأتي الى القرية. كان الحمل في وسط المائدة. سال لعاب الاسرة. «لقد بالغت يا امرأة» قال الاب للأم. «هذا الحمل لذيذ في شكل خاص» قالت الأم. وأحس الصبي بأبيه يمزقه. «هاتوا اطباقكم يا اطفال» قالت الام: «يحق لنا اخيراً ان نتناول وجبة كما يجب». وأحس الصبي اخوته يمضغون لحمه. احس شقيقاته يبتلعن اجزاء منه. «هذا لذيذ» قال اخوته. «ألذ ما اكلناه» قالت شقيقاته. وجاءت الام بمعدته. تقاتلوا على امعائه. «انت خذي هذه يا عزيزتي اعرف كم تحبينها»، قال الأب. «وأنت خذ هذا يا عزيزي» قالت الام للأب «اعرف كم تحبه». «وأنا سعيد» قال الأب. «وأنا سعيدة» قالت الام. وأحس الصبي امه تأكل خصيتيه. وأحس الصبي والده يأكل قلبه. وكان الصبي سعيداً. * مقطع من الرواية ترجمة ج. ا