رجحت أوساط في حزب «كديما» الإسرائيلي المعارض أن ترفض زعيمة الحزب تسيبي ليفني الاقتراح الذي قدمه لها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو للانضمام إلى ائتلافه الحكومي في مقابل تسليم الحزب أربع حقائب «وزير دولة». ورأت أن اقتراح نتانياهو ليس جدياً إنما يراد منه إذلال ليفني وتوسيع رقعة الشقاق داخل حزبها في ظل التمرد على قيادتها، وتعزيز احتمال انسلاخ عدد من أعضائه عنه وتشكيل كتلة برلمانية جديدة تدعم الائتلاف الحكومي. وكرر نتانياهو أمس القول إن اقتراحه لليفني نابع من «التحديات الصعبة» التي تستوجب ائتلافاً حكومياً واسعاً. وقال في اجتماع وزراء حزبه «ليكود» إنه أبلغ زعيمة المعارضة إصراره على توسيع حكومة الوحدة الوطنية وان إسرائيل تواجه تحديات كبيرة جداً أمنية وسياسية، «وكلي أمل في أن يستجيب حزب كديما لتوجهي تماماً كما استجاب في حينه (زعيم ليكود المعارض) مناحيم بيغن لأمر الساعة وانضم ببساطة إلى الحكومة على رأس كتلة من 26 نائباً. اليوم، كما آنذاك، ما يوحدنا في وجه التحديات أكبر مما يمكن أن يفرّق بيننا، وأرجو أن نلقى الرد الإيجابي من كديما». وكانت أوساط نتانياهو استبقت الاجتماع الذي عقده مع ليفني مساء أمس بالتسريب لوسائل الإعلام بأن نتانياهو ليس معنياً بتشكيل طاقمي مفاوضات من «ليكود» و«كديما» لبحث انضمام الأخير إلى حكومته، وأنه يرفض فتح الاتفاقات الائتلافية الموقعة مع شركائه الحاليين في الحكومة، كما يرفض تغيير الخطوط العريضة لحكومته. وأكدت أن نتانياهو لن يحسّن الاقتراح الذي قدمه لليفني مساء الخميس الماضي لقاء الانضمام لحكومته، بل يرى أن على ليفني أن ترد عليه في غضون أيام محدودة. وأضافت أن نتانياهو لم يقرر بعد إذا كان سيضم ليفني إلى «المنتدى السباعي» الذي بات أهم هيئة وزارية في إسرائيل، وأنه لن يمنح «كديما» أكثر من مقعدين في الحكومة الأمنية المصغرة. وأشار معلقون إلى أن نتانياهو يعوّل على المتمردين داخل «كديما» ليمارسوا ضغوطاً على ليفني من أجل الانضمام للحكومة، علماً أن أوساطه واصلت خلال الأيام الأخيرة اتصالاتها مع عدد من «المتمردين» لحملهم على الانسلاخ عن الحزب وتشكيل كتلة برلمانية جديدة. واعتبرت أوساط «كديما» هذه الاتصالات دليلاً على عدم جدية نتانياهو لإقامة حكومة واسعة بمشاركة «كديما». من جهتها، وخلافاً لسلوكها السابق حين رفضت الانضمام إلى الحكومة الحالية عشية تشكيلها من دون أن تستشير أياً من أركان حزبها، حرصت ليفني هذه المرة على التشاور مع سائر أقطاب الحزب، وأعلنت أن القرار النهائي في شأن الانضمام إلى الحكومة من عدمه سيكون بيد الكتلة البرلمانية بعد أن تطلع أعضاءها على تفاصيل اقتراح نتانياهو، رغم التوقعات بأن ليفني ترفض قطعاً الانضمام للحكومة بالشروط المهينة التي قدمها نتانياهو، لكنها لم تعلن ذلك بعد لئلا يتهمها أركان حزبها مرة أخرى بالتفرد بالقرار. ولقي موقف ليفني المشكك بصدقية نيات نتانياهو لضم حزبها إلى حكومته التأييد من منافسها على زعامة الحزب شاؤول موفاز الذي قال إن اقتراح نتانياهو «ليس لائقاً». من جهته، دعا الوزير السابق مئير شيتريت إلى رفض اقتراح نتانياهو «غير الجدي». وأضاف في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس ان الأوضاع في إسرائيل لا تشبه تلك عشية عام 1967 (حين انضم زعيم المعارضة مناحيم بيغن إلى حكومة وحدة وطنية لشن عدوان حزيران) ونحن لسنا على عتبة حرب». وتابع انه إذا أراد نتانياهو حقاً ضم «كديما»، فإن الطريق يجب أن تكون مغايرة تماماً. واعتبر ان الانضمام للحكومة بمثل هذه الشروط «سيكون عملاً غير ذكي» من جانب «كديما». وأكد أن حزبه يشترط الدخول في حكومة نتانياهو بوضع خطة سلام واضحة وبتحرك من أجل تغيير طريقة الحكم. وأضاف انه حتى لو ترك نواب من «كديما» الحزب وأقاموا كتلة مستقلة «فإن الأمر لن يقود الى تفكيك الحزب». واعتبرت القطب في «كديما»، رئيسة الكنيست سابقاً داليا ايتسيك اقتراح نتانياهو «مخادعة عفنة». وتساءلت كيف يمكن تفسير الاقتراح المغري بمناصب وزارية الذي قدمه نتانياهو لسبعة نواب من الصفوف الخلفية في مقابل انسلاخهم عن «كديما» ويأتي اليوم ويقترح حقيبتين وزاريتين على حزب يتشكل من 28 نائباً. وتابعت في حديث للإذاعة العامة إنه «اقتراح شفاف بالمخادعة التي يتضمنها، مجرد ألاعيب من مدرسة نتانياهو». وقال مسؤول كبير في «ليكود» إنه «لن يخرج من هذه القصة أي زواج ... نتانياهو قرر تفكيك كديما ولتحقيق هدفه قدم اقتراحه لليفني ووضع شروطاً لا يمكن لليفني أن تقبل بها. سترفض الاقتراح، ما سيسرع انشقاق عدد من نواب الحزب ليشكلوا كتلة برلمانية جديدة». ورأى المعلق البارز في الشؤون الحزبية حنان كريستال إن ما يريده نتانياهو في واقع الأمر هو تفكيك «كديما» وإضعاف ليفني «ليأتي إلى مؤتمر حزبه ويتباهى بأنه فكك كديما وانتقم من الحزب الذي كاد أن يقضي على ليكود في انتخابات عام 2006».