كربلاء - أ ف ب، رويترز - أمضى ثلاثة ملايين شيعي عراقي وعربي وأجنبي العاشر من محرم ليل أول من أمس ويوم أمس عند مرقد الإمام الحسين في مدينة كربلاء لإحياء ذكرى مقتله. وتوافد الزوار منذ مطلع الأسبوع الماضي من مختلف المدن العراقية إلى كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، ثالث الأئمة الإثني عشر المعصومين لدى الشيعة. وقال نصيف جاسم نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء إن «عدد الذين أحيوا ليلة العاشر من محرم الحرام ليل أمس (بلغ) ثلاثة ملايين زائر». وأضاف أن «العدد الكلي للذين شاركوا في إحياء طقوس عاشوراء خلال الأيام العشرة الماضية، بلغ ستة ملايين زائر جاؤوا على شكل مواكب من مختلف مناطق العراق، بعضهم سيراً على الأقدام». وأشار الى أن بين الزوار «حوالى 105 آلاف زائر عربي وأجنبي جاؤوا من دول الخليج وباكستان وكندا وتنزانيا ودول أخرى». وانتشرت على جانبي الطرق الرئيسية المؤدية الى مدينة كربلاء عشرات الخيام لاستقبال الوافدين الذين وصل معظمهم سيراً على الأقدام، وتقدم لهم الطعام والمياه وتسمح لهم بالاستراحة من عناء السفر. واتشحت مباني المدينة بالسواد وعلت أصوات الطبول والإذكار الحزينة التي تستعيد مشاهد «واقعة الطف» التي قُتل فيها الإمام الحسين على يد جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، مع غالبية أفراد عائلته عام 680 ميلادية. واحتشد جموع للزوار صباح أمس في شوارع كربلاء ومنطقة المدينة القديمة وما بين المرقدين، استعداداً لممارسة الطقس الأخير من طقوس عاشوراء وهي «ركضة طويريج». وتبدأ العملية بتجمع الزوار عند منتصف النهار، في المدخل الشمالي لكربلاء على بعد خمسة كيلومترات من مرقد الإمامين. وانطلق المشاركون حفاة الأقدام وهم يضربون على رؤوسهم بأيديهم فيما توسطهم رجل يرتدي عمامة سوداء على جواد، متوجهين الى مرقد الإمام الحسين، ثم الى مرقد الإمام العباس وهم يرددون «لبيك يا حسين». وبعدها أجريت عملية حرق الخيام لاستعادة مشهد انتهاء «معركة الطف». ووصل صباح أمس وزير الداخلية جواد البولاني إلى كربلاء ليشارك في الإشراف على سير الخطة الأمنية. وانتشرت حواجز للجيش والشرطة على الطريق انطلاقاً من بغداد بواقع نقطة تفتيش كل عشرة كيلومترات تزداد كثافة مع الاقتراب من كربلاء. وشكل حوالى 20 ألفاً من عناصر قوات الأمن نطاقاً حول كربلاء، ومنعت المركبات من دخول المدينة، في حين انتشر ألف قناص على أسطح المباني. ووقفت القوات تترقب الموقف مستعينة بالكلاب المدربة على اكتشاف القنابل والقضبان الخاصة برصد المتفجرات. وعند الثالثة بعد الظهر بتوقيت أمس، انتهت مراسم الزيارة وبدأ الزوار بمغادرة المدينة عائدين الى محافظاتهم. وعقد مجلس محافظة كربلاء مؤتمراً صحافياً بمشاركة وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني ومحافظ كربلاء امال الدين الهر وقائد العمليات الفريق عثمان الغانمي، اضافة إلى مدير الشرطة اللواء علي جاسم الغريري. وقال الوائلي إن «الخطة الأمنية طُبقت بنجاح واستطعنا السيطرة على مداخل المدينة من خلال مشاركة 25 ألفاً من عناصر الأمن من الشرطة والجيش»، مشيراً الى «التعاون الكبير للزوار مع قوات الأمن في تطبيق الخطة». وأكد المحافظ أن «مراسم الزيارة أجريت بانسيابية كبيرة وخصوصاً ركضة طويريج التي شارك فيها مئات الآلاف من الزوار». أما قائد العمليات فقال إن «قوات الأمن أدت دورها في شكل جيد وتمكنت من حماية الزوار». وأعلن الغانمي اعتقال شبكتين من تنظيم «القاعدة» في منطقة الرفيع (40 كيلومتراً شمال كربلاء) كانت عناصرها تخطط لاستهداف الزوار بهجمات بينها زرع العبوات على الطريق»، مشيراً الى أن «قواتنا استطاعت تفكيك تسع عبوات». وأشاد الوائلي بتعاون الوزارات الأمنية، الدفاع والداخلية والأمن الوطني، مع الوزارات الخدماتية كالبلديات والأشغال العامة والنقل والمواصلات، لتأمين سير المواكب وتوفير الخدمات للزوار. وعلى رغم الإجراءات الأمنية المشددة خلال الأيام الماضية، قُتل 32 شخصاً على الأقل وأُصيب حوالى 164 آخرين في هجمات استهدفت الزوار الشيعة في مناطق متفرقة من العراق. ووقع أحد هذه الهجمات يوم الخميس وسط مدينة كربلاء في انفجار عبوة، وأدى الى مقتل شخص وإصابة 20 آخرين. يذكر أن زيارة كربلاء خلال عاشوراء من أقدس المناسبات الدينية لدى الشيعة ويحضرها أكثر من مليون شخص يصل قسم كبير منهم سيراً على الأقدام من مناطق متفرقة في العراق. وكان عشرات الأشخاص قضوا في تفجيرات انتحارية وأعمال عنف أخرى استهدفت تجمعات للطائفة الشيعية في مناطق متفرقة من العراق في السنوات الماضية خلال احياء المناسبة.