أعلن مسؤولو أمن المطارات في مختلف أرجاء العالم أن جميع المسافرين في رحلات جوية الى الولاياتالمتحدة سيخضعون لتفتيش بدني قبل صعود الطائرة، ولن يسمح للمسافر بحمل أكثر من قطعة متاع وحيدة في يده. وقالوا إن على المسافرين أن يتوقعوا اعتباراً من اليوم مزيداً من عمليات التفتيش على أمتعتهم، ومزيداً من الكلاب البوليسية المدربة على شم المتفجرات والسوائل المحظورة، ومزيداً من خبراء السلوك الحركي، فضلاً عن احتياطات أمنية غير معلنة. ويأتي ذلك في أعقاب نجاح ركاب طائرة أميركية متجهة من امستردام في هولندا إلى ديترويت في إحباط محاولة لنسفها قام بها نيجيري لدى بدء هبوط الطائرة. وتفيد المعلومات بأن المتهم النيجيري الذي أصيب بحروق في قدميه تخرج في كلية الهندسة في جامعة «يونيفرسيتي كوليدج» في لندن، ويدعى عمر الفاروق عبدالمطلب. وقال والده وهو موظف كبير في أحد مصارف نيجيريا ويدعى الحاج عمرو عبدالمطلب ان ابنه غادر لندن منذ فترة، ولا يعرف إلى أين ذهب، لكنه يرجح أنه كان في اليمن. وذكر الركاب أن عبدالمطلب صاح بأنه تلقى تعليمات من تنظيم «القاعدة» لتفجير الرحلة. وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن جميع الركاب المسافرين إلى الولاياتالمتحدة لا بد من خضوعهم لتفتيش بدني استجابة لطلب السلطات الأميركية. وأعلن مسافرون في مطار هيثرو في لندن أنهم تلقوا رسائل نصية أمس تخبرهم بخفض عدد الأمتعة المسموح بحملها بيد الراكب إلى قطعة واحدة، فضلاً عن زيادة الاجراءات الأمنية وعملية التفتيش. وأكدت سلطات الطيران المدني في ايطاليا أنها أمرت بتشديد الاجراءات الأمنية في مطارات البلاد بالنسبة إلى الرحلات المتجهة للولايات المتحدة، بتركيز خاص على التفتيش البدني وتفتيش الأمتعة. وأوضحت السلطات الهولندية أن المتهم النيجيري عمر الفاروق استقل الطائرة أصلاً من لاغوس إلى أمستردام، حيث تم تغيير الطائرة المتجهة إلى ديتريوت. وقالت إن اسمه ورد في لائحة المسافرين التي سلمت إلى السلطات الأميركية قبل الاقلاع وتمت الموافقة عليه من واشنطن. وتشير القائمة إلى أنه يحمل تأشيرة زيارة للولايات المتحدة صالحة حتى منتصف عام 2010. وأكد مسؤولو الطيران في بلدان الشرق الأوسط أنه لم تتخذ اجراءات أمنية جديدة في أعقاب حادثة ديتريوت، لكنهم أفادوا بأن التدابير مشددة أصلاً في مطارات بلدان المنطقة. وذكر المسافرون عقب هبوط الطائرة بسلام أنهم سمعوا «طرقعة» ما لبث أن تبعها دخان، وفي الوقت نفسه انطلق أحد المسافرين ليقفز فوق المتهم النيجيري ليردعه، فيما قام آخرون باطفاء الحريق الذي أشعله. وكانت الطائرة التابعة لخطوط (نورث ويست) الأميركية تحمل 278 مسافراً و11 من أفراد الطاقم، وكانت توشك على الهبوط قبيل ظهر الجمعة، حين اشتم مسافرون رائحة دخان ورأوا وهجاً وسمعوا ما سموه «طرقعة». وتم نقل المشتبه به النيجيري إلى مقعد أمامي وكان بنطاله ممزقاً وبدت قدماه مصابتين بحروق، واستدعى قائد الطائرة رجال الأمن ليكونوا عند أبوابها. وفي نيجيريا، قال الموظف المصرفي البارز الحاج عمرو عبدالمطلب لوكالة «أسوشييتد برس» إنه يخشى أن يكون المتهم نجله الذي قال إنه درس في جامعة لندن ثم غادر بريطانيا لداعي السفر إلى الخارج. وأكد أن ابنه لم يكن مقيماً في لندن منذ مدة، وأنه لا يعرف إلى أي مكان ذهب. وزاد: «أعتقد أنه ربما ذهب إلى اليمن لكننا نتحقق من تلك المعلومات». وأشار إلى أنه سيقدم مزيداً من المعلومات إلى سلطات الأمن النيجيرية. وفيما تذكر أحد رجال الأمن الأميركي أن المتهم النيجيري ادعى أنه تلقى تعليمات من تنظيم «القاعدة» لتفجير الطائرة فوق ارض أميركية، حذر رجال أمن آخرون من أنه لم يتم التحقق في الحال من تلك الادعاءات، وقالوا إنه ربما كان يتصرف بشكل مستقل، أي أنه ربما استلهم اساليب القاعدة لكنه لم يتلق تدريباً بيد جماعات ارهابية. وقال مسؤولو استخبارات وضباط مكافحة الارهاب في اليمن أنهم يحققون في ما إذا كان المشتبه به قد حصل على عبوة ناسفة والتعليمات الخاصة بتفجيرها في الأراضي اليمنية. ونسب إلى مسؤول استخباري أميركي قوله إن المتهم النيجيري يتلقى العلاج في أحد مستشفيات ولاية ميتشغان. وذكر مسؤول آخر أن اسم المشتبه به النيجيري ورد في احدى قواعد البيانات الاستخبارية الأميركية لكن لم يرد أمر بمراقبته ولا منعه من السفر. وفي لندن، قالت الشرطة إنها تتعاون مع المحققين الأميركيين، وقامت في هذا الاطار بتفتيش شقة أقام فيها عبدالمطلب في حي راقٍ في الضاحية الغربية من العاصمة البريطانية. وأصدرت جامعة لندن بياناً ذكرت فيه أن عمر الفاروق عبدالمطلب درس الهندسة الميكانيكية هناك خلال الفترة من عام 2005 إلى 2008. وأكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أن بلاده تعمل عن كثب مع الادارة الاميركية للتحقيق في الحادثة «بسبب التهديد المحتمل الذي يمثله لأمننا الداخلي». وكان مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (اف بي آي) افاد بأن المهاجم النيجيري الذي اصيب بحروق من الدرجة الثانية، خلال الاعتداء الفاشل، اقر بانتمائه الى تنظيم «القاعدة» وحصوله على المتفجرات في اليمن، على رغم ان سجل سفره يظهر اقلاع طائرته من العاصمة النيجيرية لاغوس الى امستردام، حيث استقل رحلة «ترانزيت» الى ديترويت، حاملاً تأشيرة دخول صالحة الى الولاياتالمتحدة. واشار بيت هوكسترا، العضو الجمهوري في لجنة الاستخبارات بالكونغرس، الى احتمال وجود علاقة بين عبدالمطلب والإمام الأميركي من اصل يمني انور العولقي الذي ورد اسمه في التحقيق الخاص بقتل الرائد الفلسطيني الأصل في الجيش الاميركي نضال حسن 13 من زملائه بالرصاص، في قاعدة فورت هود العسكرية في تكساس مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال هوكسترا: «قد يكون عبدالمطلب زار العولقي في اليمن اخيراً، والسؤال المطروح: هل يتمتع هذا الامام في اليمن بنفوذ كافٍ لإقناع اشخاص بمهاجمة الولاياتالمتحدة مجدداً؟» وأكد مسؤول جهاز التفتيش في مطار شيبول في امستردام الذي يعتبر احد المطارات الأكثر مراقبة في العالم، ان النيجيري «خضع لتفتيش دقيق من دون ملاحظة اي خلل، ولكن لا يمكن استبعاد احتمال نقل اغراض خطرة يصعب رصدها عبر التقنيات الحالية مثل بوابات رصد المعادن».