يحيي المسلمون الشيعة في لبنان اليوم ذكرى عاشوراء بإقامة مسيرات دينية رمزية، وفيما تتجه الأنظار ككل عام الى مدينة النبطية حيث تجرى استعادة واقعة كربلاء بإسالة الدماء جراء ضرب الرؤوس، فإن المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله استبق هذه الممارسة بالتذكير بموقفه الشرعي الرافض لها والدعوة الى استبدالها بالتبرع بالدم في مستشفى بهمن (ضاحية بيروت الجنوبية) طوال اليوم. ومن المقرر ان يحيي «حزب الله» صباحاً مجلس عاشورائي في الضاحية الجنوبية تليه مسيرة تجوب المنطقة وتختتم بكلمة يلقيها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله. وكان نصر الله وفي كلمة في الليلة التاسعة من شهر محرم، انتقد النخب الموجودة في الأمة العربية بسبب مواقفها «المثبطة للعزائم واليائسة الخائبة على عكس الناس القادرين على الحركة في الشارع والمواجهة». واعتبر ان مسؤولية النخب في لبنان «ترك الناس في هذا البلد لحالهم، الناس بطبيعتها تحب التعاون، تحب أن تتلاقى، تحب أن تتعايش، تحب أن تتكامل، تحب أن تساعد بعضها البعض، وتساند بعضها، لأن خلفياتنا الدينية هي كذلك». واعتبر ان في لبنان وعلى مر التاريخ «مجموعة نخب كانت توتر البلد حين تتوتر هي نفسها، عندما تهتز مصالحها كنت تهز البلد، اذهبوا واقرأوا التاريخ، طبعاً يمكن أن يأتي من يقول ان المقاومة وضعت البلد بخطر؟ لا، عندما انطلقت المقاومة في لبنان من قوى مختلفة انطلقت من اجل تحرير البلد، ولتستعيد الأرض وتستعيد القرار وتستعيد السيادة الوطنية، ليس من أجل فلان وليس من اجل عائلة وليس من أجل جهة وليس من أجل مجموعة نخب. وإنما كانت مقاومة من اجل الناس واستعادة الناس كرامتها وحريتها وأولادها وأمنها وسلامتها واستقرارها، الآن لا أريد ان أتطرق الى نقاشات الماضي لأن المناخ الذي سنتكلم من خلاله لا ينسجم مع ملفات الماضي. كل ما أريد ان أدعو إليه النخب والخواص والقيادات السياسية والمرجعيات الدينية وأصحاب القلم والرأي والفكر، أدعوهم، وهم يعلمون أننا لسنا ضعافاً، الى هدنة في لبنان عمرها عام واحد، هدنة تريح البلد قليلاً من اجل ألا نخترع كل فترة موضوعاً او قصة او صراعاً او نزاعاً، لا بالوضع الإقليمي ولا بالوضع بالدولي ولا بالوضع المحلي، تعالوا الى الهدوء، يوجد حكومة، أنا لا أقول ان كل القوى تتمثل فيها، هناك قوى لم تتمثل فيها للأسف لسبب او لآخر، لكن تتمثل فيها اغلب القوى، لنأتِ الى الحكومة ونعطها فرصة. جاءت هذه الحكومة وقالت أولوياتنا هي أولويات الناس، عظيم، كي نأتي ونعمل من اجل أولويات الناس، والوزير الذي لا يريد ان يقوم ويعمل لما فيه أولويات الناس فليستقل، يفل (ليرحل)، لأنه لا يريد ان يعمل لما فيه أولويات الناس، ولنهدأ على بعضنا قليلاً ونأخذ فرصة، وكفى توتيراً للجو، والآن موضوع المقاومة وسلاح المقاومة ان طعنتم فيه في المجلس الدستوري او لم تطعنوا في المجلس الدستوري، لن يقدم ولن يؤخر، غير أنكم «ستسمُّون أبدانكم على الفاضي»، وأقول للحكومة مثلما نقول للناس ان يحترموا القانون، واحترموا النظام العام واحترموا كل شيء، ويجب ان أقول للحكومة انتم أيضاً لستم ملوكاً وأمراء، انتم مسؤولون عن الناس والبلد، مسؤولون عن معالجة مشاكلهم وعن تفعيل القضاء كي لا تنتهي القضية بعد عشر سنوات، مسؤولون ان تقوموا بتسوية عشرات آلاف مذكرات التوقيف على قضايا قد تكون تافهة وغير ذات قيمة، ومسؤولون عن الفرز في المناطق التي ليس فيها ضم وفرز، وتشكل مشاكل في البناء وتسويات البناء، ومسؤولون عن دعم القطاعات المنتجة الصناعية والزراعية، وخصوصاً المزارعين والظروف التي يمرون فيها». وسأل نصر الله تعليقاً على إعلان «حزب الكتائب» نيته الطعن أمام المجلس الدستوري بالبند المتعلق بالمقاومة في البيان الوزاري: «المسيحيون الموجودون في لبنان ما هي مصلحتهم، هل هذا يحد من الهجرة؟ او يزيد في الهجرة؟ هل هذا يعيد المهاجرين من الخارج؟ هل هذا يجعل هذا النزاع الدائم والتوتير الدائم، يجعل الناس تثق بمستقبلها في البلد؟ هل هذا يفتح الباب من اجل تعاون الناس في ما بينها لحل مشاكلها عندما تجتمع الحكومة بدلاً من ان تأخذ الوقت كله للجدل، تجلس لتحل مشاكل الناس، هذا السؤال يريد جواباً، كل ما أريد ان أقوله للخواص، للنخب السياسية، لتتحمل المسؤولية، لتهدأ وتفكر جيداً وتقرأ جيداً محلياً إقليمياً ودولياً، ولكي نتحمل بعضنا بعضاً قليلاً ونقوم بأولويات هي في الحقيقة أولويات الناس، ليس أولويات النخب، ليس أولويات الأحزاب، ليس أولويات الزعامات الذين يريدون ان يحافظوا على مواقعهم». ودعا الناس الى «استبعاد الأحقاد وفتح صفحة جديدة ولا تسمعوا كل من يدعو الى التوتير والتشنج والضغينة والتخاصم». من جهته، قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم من دمشق للمناسبة نفسها: «عندما انتصرت المقاومة في لبنان انتصرت سورية أيضاً، وعندما عادت العلاقات العربية - العربية مع سورية أو الدولية انتصر لبنان أيضاً»، مذكراً بأن المقاومة في لبنان قوية «ببركة جهاد مجاهديها وأيضاً بدعم سورية الأسد وإيران الخامنئي».