في خطوة تعزّز جهود الأممالمتحدة لتحقيق مصالحة وطنية إثر اضطرابات دموية دامت سنتين، وافقت ثماني فصائل مسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطى أمس، على إطلاق جميع الأطفال المجندين لديها، ويُقدّر عددهم بعشرة آلاف، ووقف تجنيد آخرين. ووُقِّع الاتفاق خلال منتدى وطني للمصالحة الوطنية في العاصمة بانغي، يشارك فيه حوالى 600 شخص ويستمر أسبوعاً، من أجل إنهاء عنف طائفي أوقع آلاف من القتلى وهجّر أكثر من مليون شخص، ومناقشة مستقبل أفريقيا الوسطى. وبين الموقّعين ممثلو طرفَي الأزمة التي شهدتها البلاد عامَي 2013 و2014، وهما تحالف «سيليكا» المتمرد السابق، ومعظم أعضائه مسلمون، وميليشيا «أنتي بالاكا» المسيحية. وتنقسم أفريقيا الوسطى عرقياً بين جنوب مسيحي تسيطر عليه الحكومة، وشمال مسلم يسيطر عليه المتمردون. ويُقدَّر عدد الأطفال المجندين لدى الفصائل المسلحة ب6- 10 آلاف. وأعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أن هذا العدد يشمل المجندين و «الأطفال الذين تعرّضوا لاستغلال بطرق أخرى، سواء لغايات جنسية أو للخدمة في الطبخ أو ناقلي رسائل». وأشارت إلى أن الفصائل وافقت على عدم تجنيد الأطفال مجدداً، وعلى جدول لإطلاق الأطفال المجندين وإعادتهم إلى عائلاتهم ومنازلهم، وحمايتهم ودعمهم لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم. وأضافت أن الفصائل وافقت أيضاً على تمكين «يونيسيف» وشركائها من الدخول فوراً وبلا قيود إلى المناطق التي تسيطر عليها. وقال محمد مالك فال، مبعوث «يونيسيف» إلى أفريقيا الوسطى: «إنها خطوة مهمة لحماية الأطفال. جمهورية أفريقيا الوسطى هي واحد من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة إلى الأطفال، بعد نزاع دام سنتين. وتحرص يونيسيف على العمل مع السلطات المحلية، لمساعدتها على لمّ شمل أولئك الأطفال مع عائلاتهم». لكن لم تُوضع خطة زمنية للإفراج عن الأطفال المجندين. وقال الناطق باسم «يونيسيف» في جنيف كريستوف بوليراك: «هذه ليست سوى البداية. الشروط متوافرة لكي تمنحنا أملاً». ونبّه إلى ضرورة توخي الحذر قبل إعلان نهاية معاناة الأطفال، مشيراً إلى أن الاتفاق وقّعته الغالبية العظمى من الفصائل المسلحة، وزعماء دينيون والمجتمع المدني. ولفت إلى أن دمج الأطفال في المجتمع سيشكّل تحدياً، وزاد: «إنها عملية صعبة جداً وطويلة، لتأمين استعادة طفل يحمل بندقية كلاشنيكوف، حياة عائلية عادية». وقال النقيب أحمد نجاد، وهو ناطق باسم «الاتحاد من أجل السلام في أفريقيا الوسطى»، وهو فصيل من متمردي «سيليلكا»: «إذا عثرت يونيسيف على أطفال مجندين في صفوفنا، سيُسرَّحون تلقائياً». وأشار إلى أن فصيله سرّح أطفالاً بالتعاون مع «يونيسيف»، عامَي 2013 و2014. وتابع: «نطلب يونيسيف بتعليم أولئك الأطفال مهنة، اذ إن معظمهم تقريباً أيتام».