سعى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة الثالث الى حسم الجدل الدائر حول ظهور السيدة العذراء في كنيسة الملاك في حي الوراق في القاهرة، باعلانه أنه في صدد إصدار بيان رسمي حول تجلي السيدة العذارء، وذلك بناء على تقرير مفصل قدم له. وقال: «ربنا في كل عصر يبعث لنا أعاجيب ومعجزات وظهورات ورؤى... ومهما قال البعض هنا وهناك، فإن شهادة الجماهير لا نستطيع أن نتجاهلها». ورغم أن البابا شنودة لم يؤكد الظهور بشكل قاطع، إلا أن كلماته أسعدت جموع الأقباط المصريين الذين يميل الكثيرون منهم إلى تصديق التجلي. ورغم أن المنحنى الذي اختاره البابا شنودة ليتحدث عن الظهور كان مصطبغاً بلون الوحدة الوطنية، إذ نوه إلى أن «أول من تيقن من الظهور كان الأخوة المسلمين المجاورين للكنيسة»، إلا أن مسيحيي مصر تنفسوا الصعداء بهذا التأكيد الذي يؤمنون بأنه سيقطع ألسنة المشككين، سواء من قبل بعض المسلمين، أو طوائف مسيحية لا تميل إلى الإيمان بمسألة التجلي. وكانت النتيجة هي احتدام الجدل الدائر ليصبح أكثر سخونة ويشغل بال الملايين من المصريين من مسيحيين ومسلمين. وحولت برامج التوك شو التي باتت تجمع حولها في كل مساء ملايين المصريين دفتها من مسار أنفلونزا الخنازير، والضريببة العقارية وكرامة المصريين في أحداث مباراتهم أمام الجزائر إلى التجلي، وعمر الأثير بمناقشات محتدمة بين فريق مؤيد للتجلي وآخر معارض له. يشار إلى أن قصص تجلي السيدة العذراء تظهر بين الحين والآخر، ولعل أشهرها كان العام 1968 حين قيل إنها ظهرت في كنيسة تحمل اسمها في حي الزيتون، وهو الظهور الذي فسره البعض حينئذ بأنه مدد للمصريين في أعقاب نكسة حزيران (يونيو) 1967. وإلى أن يتم التأكد من مسألة التجلي أو نفيه، يمكن القول أنه كلما زادت حدة المشكلات، وارتفعت نبرة اليأس، وتقلصت احتمالات العلاجات الدنيوية، كلما تجلت المعجزات وزاد الإيمان والتعلق بها.