اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن طرح ترسيم الحدود بين لبنان وسورية «ليس من أجل بناء الجدران أو وضع الشِباك، بل من أجل فتح العلاقات الاقتصادية والتجارية ولتكون هناك علاقة جيدة بين البلدين». وأعلن الحريري، بعد زيارته البطريرك الماروني نصرالله صفير أمس في جولة على القيادات الروحية المسيحية والإسلامية لإطلاعها على نتائج زيارته دمشق واجتماعاته فيها مع الرئيس السوري بشار الأسد، أن صفير بارك الزيارة. وفي موازاة ذلك تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من إلقاء القبض على مطلق النار على الحافلة السورية ليل الأحد - الاثنين الماضي، ما أدى الى مقتل عامل سوري، في منطقة دير عمار في شمال لبنان، وأخضع للتحقيق الأولي لدى المديرية منذ ليل أول من أمس. وتبيّن أن سبب إطلاق النار شخصي مالي نتيجة خلاف بين الموقوف شوقي ناظر وسائق الحافلة وصاحبها على أمور مالية في فترة سابقة تتعلق بتهريب المازوت وغيره ما دفعه لإطلاق النار على الحافلة قاصداً سائقها فأصيب العامل السوري. وكان التحقيق مع سائق الحافلة أدى الى تحديد خيوط الحادث والمشتركين فيه، إذ أنه أقر بوجود خلافات مع أشخاص معنيين ما أدى الى توقيف الناظر والاستماع الى إفادته فاعترف بإطلاق النار على الحافلة. وزار الحريري أمس، إضافة الى صفير بطريرك الروم الكاثوليك غريغويوس لحام ومطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان واتصل بشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، لتهنئتهم بالأعياد وإطلاعهم على نتائج الزيارة. وعلمت «الحياة» أن صفير استفسر من الحريري عما جرى بحثه مبدياً تأييده لما قام به رئيس الحكومة ويقوم به من أجل إخراج لبنان من دوامة حال اللاإستقرار التي بقي فيها لسنوات، وأكد اقتناعه بأنه يسعى الى إطلاق عجلة الدولة. وذكرت مصادر مطلعة أن صفير لمح الى أن المهم ألا يعود الأسلوب القديم في تعامل سورية مع لبنان مبدياً ثقته بالحريري «لأنك دفعت غالياً ثمن المرحلة السابقة ونحن نتفهم ما تقوم به الآن». وذكرت مصادر قريبة من البطريرك صفير أنه أبدى ارتياحه الى ما أبلغه إياه الحريري والى نتائج زيارته دمشق. وكان الحريري أكد في تصريحاته بعد اللقاء على وجوب طرح الأمور في شكل إيجابي وليس في شكل سلبي لأن هناك انفتاحاً (في موضوع ترسيم الحدود) «وعلينا ألا نسيّس الأمور. ونطرح الأمور من قبيل تسجيل النقاط». وأوضح أنه قال للبطريرك صفير إن «اللقاء مع الرئيس الأسد كان جيداً جداً وممتازاً». ورداً على سؤال عن تقدم حزب الكتائب بمراجعة طعن أمام المجلس الدستوري في شأن البند السادس من البيان الوزاري للحكومة الذي يعطي المقاومة حق مواجهة العدوان الإسرائيلي، إضافة الى الجيش والشعب، قال الحريري: «البلد ديموقراطي وعلينا الاستماع الى الآراء الأخرى واحترامها ونرى ما هي هواجس الآخرين بكل هدوء وروية». واعتبر أن «للمجلس الدستوري حق الإجابة عن الموضوع لكن نحن نسير قدماً في تنفيذ البيان الوزاري كما أقر». وكانت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أصدرت بياناً إثر اجتماعها الدوري أمس اعتبرت فيه أن زيارة الحريري دمشق تشكل اختباراً حقيقياً وفرصة قد لا تتكرر لإنهاء صراع مستمر منذ ما قبل منتصف القرن الماضي. وأكدت تمسك اللبنانيين بشعار لبنان أولاً، مشيراً الى أن مسؤولية سورية استكمال هذه الخطوة في إنهاء المسائل العالقة بين البلدين. وانتقدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار انفراد وزير الخارجية علي الشامي في السعي الى إلغاء القرار الدولي الرقم 1559 معتبرة أنه تجاوز لصلاحياته. ورأى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أن زيارة الحريري سورية تعيد العلاقات الى مجاريها وتخدم المصالح الحقيقية للشعبين اللبناني والسوري، وقال: «نستطيع إعطاء زيارة الحريري الطابع الذي نريد لأن الشخص لا يستطيع نزع صفته عنه عندما يزور أي بلد وإن كان طابع الزيارة شخصياً ولكن كل شيء يحدث خلالها يأخذ بعض الصفات التي نعطيها إياها». ولفت عون، بعد اجتماع التكتل الى أن الطعن الذي قدمه حزب الكتائب الى المجلس الدستوري في البند السادس من البيان الوزاري ليس قانونياً، مشيراً الى أن المجلس الدستوري لا ينظر في الخلافات العائلية بين الوزراء أنفسهم، والمجلس الدستوري لا ينظر في البيان الوزاري الذي يحاسب النواب عليه وإذا لم يحاسبوا يحاسبهم الناس في الانتخابات لاحقاً، معتبراً أنه «إذا كان هذا موقفاً سياسياً فقد شبعنا مواقف قدموها لنا طيلة مدة دراسة البيان الوزاري، وفي ما يلي في جلسات مناقشته، وبهذا لن يخسر الحزب من معه ولكن لن يزيد». وأكد عون أنه يدافع عن سلاح المقاومة لأنه «مقتنع بأنه مفيد للبنان»، سائلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع: «لماذا يتخيل المقاومة دائماً آتية إليه الى معراب»، معتبراً أن «أحداً لن يأتي إليه الى معراب». وقال عون بالنسبة الى القرار 1559: «وجدنا حلاً مرحلياً بالتفاهم بيننا وبين حزب الله وعرضناه على الجميع، وقلنا إن السلاح الفلسطيني في مرحلة أولى نسحبه من خارج المخيمات، ثم نجد حلاً له، وسلاح حزب الله قلنا إنه للدفاع عن لبنان فقط وليس معداً للدفاع عن إسرائيل»، معتبراً أن «هذا الأمر أصبح موضوعاً داخلياً ولا يحق للأمم المتحدة التدخل فيه». وكان موضوع اعتبار القرار 1559 منتهياً، كما أبلغ وزير الخارجية علي الشامي بعض البعثات الديبلوماسية، موضوع تصريحات عدة. ونقل المكتب الإعلامي ل»القوات اللبنانية» عن السفيرة الأميركية ميشال سيسون، التي اجتمعت مع جعجع أمس، قولها إن بلادها تتمسك بالقرار المذكور.