تزايد عدد الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية أخيراً، بمستويات مختلفة. لكن ما يهمنا، أولاً وأخيراً، ليس نشرات الأخبار الدامية، بل الثقافة الأخرى، المجهولة أو نصف المعروفة، اذا كنا نرغب في التواصل مع العالم، بعيداً من نظرية المؤامرة. آخر هذه الفضائيات كانت قناة «كوريا» الجنوبية، طبعاً، فالشمالية مشغولة بملف المناطحة مع الشقيقة الجنوبية و«الغرب الإمبريالي». وفي حصاد يوم من البث المنوع لهذه القناة يمكن أن نتعرف الى ملامح ثقافة عريقة لشبه جزيرة، شبه مجهولة، من خلال مسلسلات وبرامج ثقافية منوعة، يمكننا أن نكتشف من خلالها طبيعة العلاقات الاجتماعية والعائلية وعلاقات العمل والحب، على الطريقة الكورية، إضافة الى الموسيقى والرسم والرقص، ثم الغناء الذي وصلت اليه رياح التغيير الوافدة من الغرب. وفي المسلسلات التلفزيونية، التاريخية والاجتماعية والعاطفية، حوارات مكثفة وهادئة، تقترب من الهمس ولغة الإشارة، بعيداً من الصراخ العنيف الذي نعاني منه في المسلسلات الأخرى العربية والأجنبية. وفي القناة الألمانية «دويتشه فيله» متابعات ذكية للثقافة والفنون القديمة والجديدة في ألمانيا وأوروبا والعالم، مع اهتمام خاص بالعمارة والرسم والبيئة والعلوم التطبيقية. وتظل «بي بي سي» حريصة على تقاليدها التي ترسخت في الإذاعة على مدى ثلاثة أرباع القرن، وانتقلت الى التلفزيون. ومع كل ملفاتها وبرامجها الخاصة المثيرة، تظل هي الأقرب الى قناة «الجزيرة» التي كانت تزعج جورج بوش، الأب والابن، في جرأتها واقتحامها البؤر الساخنة في العالم. ولن أكرر التفاصيل التي ذكرتها في مرة سابقة عن قناة «روسيا اليوم» وخصوصية اهتمامها بالثقافة عموماً، وبالثقافتين الروسية والعربية خصوصاً. وفي قناة «الحرة» تأتي الثقافة في برامج محددة، أهمها برنامج جوزيف عيساوي «قريب جداً» في حواراته الذكية مع شخصيات فاعلة في المشهد الثقافي العربي الراهن، وبرنامج محمد اليحيائي «عين على الديموقراطية»، وبرنامج عائشة الدوري «سينيما غازين»، ثم برنامج ندين بدير «هن». ولا تبدو الثقافة مستقرة بعد، في القنوات الأوروبية الجديدة، مثل «فرانس 24» و «يورونيوز». فإلى متى؟