تباينت اتجاهات الدول العربية بخصوص فتح باب تصدير مواد البناء او اغلاقه. ففي وقت ينادي مصنعو مواد البناء في السعودية بفتح باب التصدير لتصريف ما تكدس لديهم، وفقاً لتقرير لمؤسسة «المزايا القابضة»، قررت السلطات المصرية وقف تصدير الإسمنت لأربعة أشهر. ولفت التقرير الى ان «خصوصية كل بلد تفرض على السلطات المعنية سن التشريعات وتفعيل بعض بنود القوانين والأنظمة لتهدئة الأسعار، وإزالة أي ممارسات غير شرعية قد تفضي الى التأثير في القطاعات الإنتاجية الكبرى، ومنها قطاع البناء والتشييد، إلا ان أصوات المنتجين والمصانع تعلو أحياناً لوجود ممارسات غير طبيعية مثل الإغراق، لعدم وجود الحماية للمنتج الوطني أو حرب الأسعار، عند وجود إنتاج ضخم وقنوات تصريف ضيقة». ولفت التقرير الى ان «الظروف الداخلية لدول المنطقة تختلف، وبالتالي لا غرابة في تكدس إنتاج مصانع الإسمنت السعودية في وقت تنفد فيه مخزونات الإسمنت المصرية نتيجة التصدير والسوق السوداء». وكانت السعودية لجأت خلال الصيف الماضي إلى قرارات حاسمة للسيطرة على جنون أسعار الإسمنت والحديد عبر تفعيل إجراءات وشروط جديدة أمام تصدير المصانع والمنتجين السعوديين لمادتي الإسمنت والحديد. ولاحظ معدو التقرير ان القرار السعودي بمنع التصدير جاء بعد صعود كبير في أسعار الإسمنت والحديد في السعودية، فساهم في السيطرة على المخزون المتوافر من الإسمنت ما أدى إلى زيادته والسيطرة على الأسعار. وذكّر التقرير بالإستراتيجية الوطنية للصناعة التي أعلن عنها مجلس الوزراء السعودي لتخصيص 35 في المئة من إنتاج المصانع المحلية الجديدة للتصدير الخارجي، إذ رُصد 40 بليون ريال للإستراتيجية الوطنية للصناعة الممتدة ل10 سنوات، في وقت أعلنت الشركات والمصانع السعودية الكبرى ان إعادة السماح بتصدير حديد التسليح إلى الخارج، خصوصاً إلى الأسواق القريبة، لن تدعوهم إلى رفع الأسعار، مؤكدين أنهم في حاجة إلى بيع كميات متكدسة في مخازنهم. وأفادت وزارة التجارة المصرية إنها ستحظّر تصدير الإسمنت أربعة أشهر لتحقيق الاستقرار في الأسعار المحلية، كما طلبت من جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية إجراء تحقيق في نشاطات قطاع الإسمنت. وبين التقرير ان هذا الإجراء من جانب السلطات المصرية، يعتبر الثاني في غضون أقل من شهرين، إذ كانت الحكومة الحكومة اعلنت في شباط (فبراير) الماضي عن دفعة أولى من الإجراءات للسيطرة على سعر التجزئة للإسمنت في مصر، بما في ذلك اشتراط ان يحدد كل المنتجين سقفاً للسعر في كل مرحلة من عملية التوزيع، وأن يقدم الموزعون تقارير أسبوعية عن مخزونات الإسمنت إلى وزارة التجارة. وساهم فتح بعض الدول العربية والخليجية باب الاستيراد من الخارج، في انخفاض أسعار الحديد في شكل كبير تجاوز 70 في المئة في بعض الأحيان، خصوصاً بعد فتح باب استيراد الحديد من تركيا وأوكرانيا، في وقت بدأت مصانع الحديد الخليجية والعربية بالشعور بوطأة الحديد المستورد على منتجاتها ما أدى إلى ضعف الطلب عليها. يشار إلى ان الحديد التركي بات مطلوباً من المقاولين وشركات العقارات في المنطقة، إذ استورد نحو مليوني طن من الحديد في شباط (فبراير) وآذار (مارس)، بارتفاع 36 في المئة عن السنة الماضية، بحسب بيانات نشرها موقع الأسواق العربية. وأدى تثبيت الشركات والمصانع المصرية المحلية لأسعارها إلى استعادة حديد التسليح المصري سيطرته على السوق المصرية، بعد تراجع الكميات المستوردة من الحديد التركي والأوكراني لارتفاع أسعارها، ووصولها إلى مستوى الأسعار المحلية، وربما أكثر، ما افقدها ميزتها التنافسية. واتجهت المصانع التركية اخيراً إلى رفع أسعار إنتاجها، في وقت يطالب منتجون محليون بفرض رسوم حمائية حتى لا تنهار الصناعة المحلية، موضحين ان الدول المنتجة وجدت ضالتها المنشودة في السوق المصرية التي تعتبر السوق الوحيدة القادرة على استيعاب كميات كبيرة من الحديد المستورد، خصوصاً ان موانئ الخليج مكدسة بالحديد المستورد من تركيا وأوكرانيا ويرغب الموردون في تصريفه بأي شكل. يذكر ان الطاقة الإنتاجية للمصانع المصرية تبلغ ثمانية ملايين طن موزعة على 20 مصنعاً، فيما يبلغ الاستهلاك المحلي ستة ملايين طن. أما تركيا فتنتج 18 مليون طن حديد سنوياً تستهلك منها ثمانية ملايين طن حديد والبقية تذهب للتصدير. أما الطلب على الحديد في الإمارات، فيشهد تراجعاً لافتاً مع تكدس الحديد في المصانع الإماراتية والموانئ، حيث سينخفض إنتاج الحديد واستهلاكه من ستة ملايين طن سنوياً إلى أقل من أربعة ملايين. وبلغ سعر الحديد في دولة الإمارات في النصف الأول من العام الماضي 6500 - سبعة آلاف درهم للطن انخفض بعدها إلى ثلث هذا الرقم نتيجة الأزمة المالية العالمية وأزمة العقارات في الإمارات.