شيخ مسن وزوجة، إضافة إلى 70 من الأبناء والأحفاد يطلقون صرخة استغاثة من داخل مخيم إيواء النازحين في الأحد المسارحة، ويناشدون وزير الداخلية رفع ظلم وقع عليهم منذ نحو 20 عاماً وتفاقم مع الحرب والنزوح. محمد مجرشي (100 عام) من سكان قرية صميل انضم هو وأفراد عائلته المكوّنة من 70 فرداً إلى أفواج النازحين، راجياً أن يزاح الظلم عنهم وتسترد هويات أولاده الوطنية، التي سحبت منهم من دون أسباب واضحة. ويعود مجرشي بالذاكرة إلى الوراء: «كان هناك نزاع على أرض مع أحد جيراني، فاستغل عدم حصولي على حفيظة في ذلك الوقت، ومن هنا بدأت المعاناة». ويضيف: «لا أعرف وطناً غير السعودية وأنا موجود على هذه الأرض منذ خرجت إلى الدنيا، ولم أتوقع حينها أنني في حاجة إلى حفيظة نفوس، على رغم سهولتها في ذلك الحين، فأنا رجل مزارع وأجهل هذه الأمور وليس لي مكان غير أرضي الجبلية، التي لم أتركها حتى ساعة النزوح»، لافتاً إلى أن أبناءه حصلوا مثل غيرهم من أبناء المنطقة على حفائظ نفوس، عن طريق مشايخ القبيلة. ولا يخفي مجرشي أنه كان معارضاً حصول أبنائه على حفائظ النفوس: «كنت أظن أنها ليست ضرورية إلا لمن يريد السفر، وكنت أخشى أن يتركوا الأرض وتضيع من بعدهم». ويستطرد: «بعد أن حصل أولادي على وظائف نشب خلاف بيني وبين جاري، فاستغل عدم حصولي على حفيظة نفوس ليستولي على الأرض، ولجأ إلى إبلاغ الجهات المعنية بأن لدي أبناء يعملون في وظائف عسكرية وأنا ما زلت لا أملك حفيظة نفوس»، مؤكداً أن الجهات الأمنية أدخلته السجن وصادرت كل أوراق أسرته بما فيها شهادات الميلاد، وتبع ذلك سحب هويات أولاده: «نتج من ذلك حرماننا أبناء هذه البلاد من حقوقنا، وفي مقدمها الرعاية الصحية والتعليم والسكن». أسرة مجرشي تعيش في ظروف سيئة، حتى قبل ظروف الحرب والنزوح، فالعوز أنهك الشيخ ولم يرحم ضعفه وقلة حيلته، إضافة إلى الأمراض التي يعانيها بعض أطفال الأسرة، ومن ضمنها إعاقات أصيب بها أبناء حفيده عبده أحمد، الذي حاول كثيراً المطالبة بإصدار هويات وطنية لأفراد الأسرة من دون فائدة. ويقول الحفيد عبده أحمد إنه يحمل حقيبة تزن قرابة عشرة كيلوغرامات من الأوراق والمعاملات، إضافة إلى صور من الوثائق التي سحبت وورقة تحمل معاملة برقم 3725 قدمها إلى إدارة الحقوق قبل أشهر عدة، مشيراً إلى صعوبة تنقله بسبب عدم حمله أوراقاً ثبوتية، كما أن زوجته لم تشاهد أهلها منذ أربع سنوات. ويؤكد عبده: «أنا مستعد لإحضار 20 شاهداً يثبتون أننا سعوديون من أبناء هذه البلاد في حال تجاوب الجهات المعنية». ويلفت محمد قحل وهو أحد الشهود إلى أن «الأحوال المدنية» لم تضع ملف القضية على ظهر الطاولة: «ماطلت في البت في هذه القضية، التي ترتبت عليها كوارث إنسانية يدفع ثمنها المعدمون». ويتابع: «شهدت زواج أحد أفراد العائلة المنكوبة وكيف قضى العريس دخلته تحت شجرة مستتراً ببعض أخشاب الكراسي القديمة والخرق البالية». من جهة ثانية، أعرب الشيخ يحيى بن يحيى وهو أحد مشايخ قبيلة المجارشة أنه على استعداد ليضم هذه العائلة إلى قبيلته وفق الشروط والأنظمة الحكومية، مضيفاً: «لقد ظلموا مرتين بسبب الجهل والفقر الذي منعهم من متابعة معاملاتهم».