طالب رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور صالح بن حميد الفقهاء بمواكبة التطور والتغيّر في الزمان والأحداث، والعمل على الاجتهاد للوصول إلى الحكم الشرعي، مؤكداً أنه لم يجد في المصادر المتقدمة حديثاً يتكلم عن «صناعة الفقيه». وقال ابن حميد في ندوة أقيمت في كلية الشريعة بالرياض أول من أمس، نظّمتها الجمعية الفقهية السعودية بعنوان «صناعة الفقيه»، إن العناية بالفقيه وإعداده وصقل ملكاته الفقهية من أهم ما يثري الفقه، ويجعل الفقيه مدركاً لأصول الاستنباط، ومفيداً لمصادر هذا العلم، ومستوعباً لقضايا عصره. وأضاف: «الفقيه إذا سُئل عن مسألة في مجلسه، فإذا كان عالماً بحكمها يجيب في الحال، وهذه هي قوة الفقيه بالفعل، وإن لم يستطع الجواب، فإن لديه القوه القريبة التي تمكّنه من مراجعة المسألة، وتحصيل الجواب في نصه أو استنباطه، وفهمه من السؤال بعد المراجعة، أما غيره فلو بحث، فإنه غير قادر على تأصيل المسألة، لأنه لا يملك القوة القريبة التي تعتبر من صناعة الفقيه». وذكر أن المَلَكَة الفقهية صفة راسخة في النفس، تحقق الفهم في النص الشرعي ودلالاته ومقاصده وإيماءاته، ويتمكن من إعطاء الحكم الشرعي لقضية مطروحة، من خلال رده إلى الفقه أو الاستنباط من الأدلة الشرعية أو القواعد الكلية. ولفت إلى أن القضايا والنوازل تتجدد وتختلف وتتغيّر، وتبقى شريعة الإسلام ثابتة شاملة صالحة لكل زمان ومكان، والمطلوب من الفقيه أمام ذلك مواكبة التطور والتغيّر في الزمان والأحداث، والعمل على الاجتهاد، والتفرغ للوصول إلى الحكم الشرعي. وعن ضوابط تأهيل الفقيه، أوضح أنه يجب على الفقيه أن يبذل ما في وسعه للبحث عن الحكم الشرعي، عن طريق تتبع طرق الاستنباط والسعي في ذلك، إذ ينبغي عدم الاجتهاد في المسائل التي يُستبعد وقوعها. وأشار إلى أن فقه النفس صفة جبلية تحقق لصاحبها دقة الفهم في مقاصد الكلام، كالتفريق بين المنطوق والمفرود، وهي فطرية ذاتية ناشئة مع صاحبها لا تتعلق بالاكتساب، مشدداً على التثبت والتحري، خصوصاً في النوازل المعاصرة، فهي تحتاج إلى المزيد من التأكد من الموضوع.