عزا بيان رسمي مغربي استجابة سلطات الرباط إلى طلب السماح بعودة الناشطة أمينة (أميناتو) حيدر إلى البلاد بالتزام كل الوسطاء الدوليين الذين قاموا بمساعٍ إنسانية في هذا الصدد «الاتفاق على أن القانون المغربي يسري مفعوله على كل التراب الوطني للمملكة». وجاء في بيان الخارجية المغربية أن رؤساء وقادة «مختلف الدول الصديقة والشريكة، التمسوا من السلطات المغربية التحلي بفضيلة التسامح والصفح الجميل، والتعاطي مع وضعية أميناتو حيدر من منظور إنساني صرف»، في إشارة الى تداعيات إضرابها عن الطعام في إسبانيا ورغبتها في لقاء أفراد أسرتها وأبنائها في العيون، كبرى حواضر الصحراء. وشدد البيان على أن التوضيحات الصادرة عن دول توسطت في هذه المساعي مثل فرنساوإسبانيا وأميركا بُنيت على أساس «وجوب الاحترام التام والتقيّد الإلزامي بالقانون المغربي لدى الجميع. ومن دون استثناء. وفي مجموع مناطق حوزة التراب الوطني». إضافة الى تقاسمهم وجهات النظر تجاه سياق اندلاع الأزمة التي يعزيها المغاربة الى «محاولة تقويض فرصة استئناف المفاوضات». وأشار البيان بهذا الصدد الى «تحركات من الخارج» لا علاقة لها بالنهوض بأوضاع حقوق الإنسان وأن «الدافع لسلوكها (حيدر) هو العمل لحساب بوليساريو» التي وصفها البيان للمرة الأولى بأنها «حركة عسكرية شمولية عميلة للجزائر التي تحتضنها وتمولها وتدعمها». إلى ذلك، سجّلت حكومة مدريد التي أدارت الأزمة في مواجهة ضغوط عدة، أن القانون المغربي يُطبّق في الصحراء في الوقت الذي تتواصل الجهود لإيجاد حل سياسي للنزاع، معبّرة عن الأمل ب «رؤية مفاوضات السلام تُستأنف بسرعة»، وداعية إلى تهيئة الشروط لمفاوضات جديدة. وأعاد بيان رسمي التأكيد أن رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس ثاباتيرو ووزير الخارجية ميغيل انخيل موراتينوس «قاما بإجراءات لدى السلطات المغربية لجعل عودة أميناتو حيدر ممكنة». وأضاف البيان أن حكومة مدريد تؤكد إرادتها في تعميق تعاونها مع المغرب في إطار الوضع المتقدم في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. من جهته، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالجهود التي بذلتها كل الأطراف من أجل إيجاد حل لوضع الناشطة حيدر. معرباً عن ارتياحه الكبير لعودتها، وفي الوقت ذاته أعرب عن أمله بأن تتعاون الأطراف جميعاً مع مبعوثه الشخصي كريستوفر روس لاستئناف المفاوضات في المستقبل القريب. وكشف مصدر رسمي مغربي رفيع المستوى ل «الحياة» أن المفاوضات التي دارت حول السماح بعودة الناشطة حيدر إلى العيون، ركّزت على جوانب قانونية وإشكالات إنسانية، في مقدمها التزام القوانين المغربية السارية المفعول «وعدم الخلط بين أوضاع حقوق الإنسان وتشجيع النزعات الانفصالية». وقال المصدر إن كل شروط المملكة «تحققت» لإنهاء وضع لم يكن طبيعياً قال إنه «استُخدم لممارسة ضغوط على المغرب، قبل أن يتبين انه كان محقاً في موقفه»، معيداً الى الأذهان أن الناشطة حيدر هي «من تخلّت عن جواز سفرها ورفضت الاعتراف بجنسيتها المغربية». وأفادت مصادر حزبية أمس أن وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهوي ووزير الداخلية شكيب بن موسى اجتمعا الليلة الماضية إلى زعامات الأحزاب السياسية المغربية في الموالاة والمعارضة. لوضعهم في صورة التطورات التي أفضت الى اتفاق على عودة حيدر الى الصحراء. وتسببت حال الناشطة حيدر في تأزيم مفاوضات الصحراء، في وقت كان يعتزم الموفد الدولي كريستوفر روس الدعوة إلى جولة ثانية من المفاوضات المصغرة غير الرسمية، إضافة إلى تداعيات طاولت العلاقة بين المغرب وإسبانيا. وبين الرباط والاتحاد الأوروبي، وفيما أبدت عواصم غربية تفهمها لموقف السلطات المغربية التي تمسكت بحرفية القوانين السارية المفعول، هيمن الجانب الإنساني على مساعي حل المشكلة. وأضطر ذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى التعبير عن قلقه لوضع حيدر، لكنه اضاف أن قلقه يطاول أوضاع اللاجئين في مخيمات تندوف كذلك، ما اعتبره أوساط رسمية مغربية تفهماً لمطالبها التي تشمل تسريع إحصاء أولئك اللاجئين في جنوب غربي الجزائر، بهدف تأمين عودتهم أو تمكينهم من اختيار أي مكان آخر يقيمون فيه. وفيما يعزو مراقبون تصاعد الجدل في إسبانيا في شأن قضية الناشطة الصحراوية حيدر إلى اعتبارات داخلية تسبق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، رأت أوساط أخرى أن ذلك الجدل الذي انقسم فيه الرأي العام الإسباني بين مساند لجبهة «بوليساريو» وداعم لخطة المغرب منح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً يعكس تحولاً في الموقف الإسباني، وإن كانت الحكومة الاشتراكية التي تربطها علاقات متميزة مع المغرب حافظت على التزاماتها المبدئية، سيما وأنها تستلم في مطلع الشهر المقبل مسؤولية رئاسة الاتحاد الأوروبي. وفي بروكسيل (أ ف ب) أعرب وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس الجمعة عن «ارتياحه» لعودة الناشطة حيدر إلى الصحراء، مؤكداً أن الأمر لم يخضع «لأي مساومة» مع المغرب. وقال موراتينوس في بروكسيل: «أريد فقط أن أعبّر عن ارتياحي لعودتها إلى بلادها. نحن مسرورون. لقد ناضلت طويلاً من أجل ذلك». وأكد ان حكومة بلاده «قامت بما في وسعها لتأمين هذه العودة في أسرع وقت ممكن» غير ان الأمر لم يخضع «لأي مساومة» مع المغرب. وقال «لقد عملنا بالتنسيق مع بلدين كبيرين هما الولاياتالمتحدةوفرنسا». وأوضح موراتينوس ان الدول الثلاث التي فاوضت السلطات المغربية «لديها مصالح مهمة في المنطقة ولديها الإمكانية لدفع الأمور الى الأمام». وأشار الى أن أميناتو حيدر «اعربت عن شكرها وارتياحها للنتائج التي حققتها الحكومة الإسبانية». وذكّر الوزير الأسباني بموقف بلاده الداعي الى ايجاد حل للصحراء الغربية يكون «حلاً عادلاً سياسياً نهائياً مقبولاً لدى جميع الأطراف ويسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره».