شدد إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ الدكتور سعود الشريم، على أن الشهرة مزلق خطر فكيف بمن يحبها ويسعى لها ويبذل كل وسيلة لينالها، أما من أشهره صدقه وتقاه وثباته على الحق وقول الحق فهذا ممدوح وهو من عاجل بشرى المؤمن مع عدم أمن الفتنة عليه، محذراً من مكمن خطر حب الشهرة باعتباره مظنة الانحراف ورقية الشذوذ عن الجماعة وسلم الإعجاب بالنفس والاعتداد بالرأي. وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة أمس ان ما حذر عنه في الشرع المطهر وجاء التحذير من مغبته هو حب الشهرة والظهور الداعي النفس المريضة إلى تعلق القلب بتأسيس بنيان السمعة على شفا جرف هاو أو الإعداد لرفع الظمأ من سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. وأردف يقول: «الشهرة سربال الهوى وغربال حب المخالفة من اشتهر تعرض للفتنة، حب الشهرة مرض عضال يورث الأنانية وحب الذات والإعجاب القاضي على معرفة عيوب النفس نرى الشخص قد علا وحلق في جو الشهرة وجاز فيها مسارح النظر ثم انحدر بعد هذا وتدهور وعفا رسمه فصار أثراً بعد عين وخبراً بعد ذات». وأضاف: «ان خطورة طالب الشهرة وعاشقها ليست من الأخطار القاصرة على نفس المشتهر فحسب، بل انها من المخاطر المتعدية إلى غيره والخطر المتعدي أولى بالرفع والدفع من الخطر القاصر لأن لا يتضرر به الآخرون لأن عاشق الشهرة لو ترك له المجال فسيفسد في الآخرين. ولفت إلى أن الداعي إلى التحدث عن الشهرة ومخاطرها ما بلغته أمة الإسلام في هذا العصر من ظهور إعلامي منقطع النظير وأن المرء قد تبلغ شهرته الآفاق وهو قابع في بيته وذلك عبر الرائي أو المسموع أو المقروء». وقال: «إذا كان تحذير السلف - رحمهم الله - من عاقبة هذا الباب بناء على ما شاهدوه في أزمانهم المتواضعة ففي زماننا هذا من باب أولى وإذا كان المشهور عندهم يؤثر في المئات أو الآلاف من الناس فالمشهور في هذا الزمن يؤثر في الملايين والشهرة وحبها باب واسع ليس مقتصراً على فئة بعينها بل تكون في الحاكم والعالم والوزير والغني والمفكر والكاتب وممتهن الفن والصحافي وغيرهم، فكم من شخص أراق الدماء وبطش وظلم لأجل التصدر والشهرة وكم من غني عبّ من الربا كما الهيم ليشتهر غناه وكم من عالم أو داع كبا وزل وانقلبت حاله لأجل الشهرة وكم من صحافي قال باطلاً وأخفى حقاً وأشعل ناراً للفتنة لأجل الشهرة وكم من ممثل وممثلة ارتكب الحرام وأشاع الفاحشة لأجل الشهرة». وأشار إلى أن الإنسان بطبعه ميال إلى حب المحمدة ونيل الشهرة وانتشار الصيت والسمعة ونفسه تواقة إلى أن يشار إليه بالبنان أو أن يكون هو حديث المجالس أو أن يسمع قوله أو يكتب قوله والواقع أن من هذه حاله فانه لا يحب أن يكون على هامش الاهتمام أو في مؤخرة الركب أو في دائرة الرضا بالدون ومثل هذا الطبع يعد أمراً جبليا إلى حد ما لا يعاب مطلقاً ولا يحمد مطلقاً لأن الإطلاق في كلا الأمرين موقع في خلل غير مراد لأن صاحبه سيظل متأرجحاً بين إفراط أو تفريط، والقاعدة المنصفة تشير إلى أن خير الأمور هو الوسط وأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم.