غداة نقض المحكمة العليا الباكستانية مرسوم المصالحة الوطنية الذي أصدره الرئيس السابق برويز مشرف قبل سنتين، دعت المعارضة أمس، إلى استقالة الرئيس آصف علي زرداري، وطالبت ب «محاسبة شاملة» للسياسيين الفاسدين، معتبرة أن القرار «يؤسس لاستقلالية القضاء ونزاهته، ما يقوي الجبهة الداخلية ويعزز ثقة المواطنين بإمكان إصلاح الأوضاع بعد أكثر من 60 سنة على استقلال باكستان». وعلى رغم تمسك زرداري بالحصانة القانونية التي تحميه من المساءلة القضائية، فانه وجد نفسه في مواجهة حملة تهدف الى تجريده من صلاحياته وتحويله رئيساً فخرياً، في انتظار نجاح محاولات دفعه الى الاستقالة، علماً أن مرسوم العفو الذي أصدره مشرف كان يهدف الى تمكين بنازير بوتو، زوجة زرداري، من العودة الى الحكم قبل اغتيالها أواخر العام 2007. وفي حديث الى «الحياة»، رأى عمران خان، زعيم «حركة الإنصاف» المعارضة أن الواجب الأخلاقي يقتضي استقالة زرداري وسائر السياسيين المتورطين في فضائح فساد مالي وسوء استخدام السلطة وارتكاب جرائم شملها العفو بموجب مرسوم مشرف. وشدد خان على ضرورة إطلاق حركة شعبية شاملة تساعد في إرساء معالم القضاء المستقل في باكستان «لضمان سلامة البلاد واستقرارها، وعدم تدخل الجيش مستقبلاً في شؤونها السياسية أو إخضاعها لضغوط أجنبية». وبدا حزب «الرابطة الإسلامية - جناح زعيم المعارضة رئيس الوزراء السابق نواز شريف» أكثر حذراً في تعليقه على قرار المحكمة العليا، باعتبار انه قد يؤدي إلى فتح ملفات الفساد وسوء استخدام السلطة لكل الأحزاب، لكنه لم يخف فرحته بنجاح رهانه على إضعاف زرداري سياسياً وإجباره على التراجع خطوة بعد خطوة. وعلى رغم تنازل زرداري في الأسابيع الأخيرة عن صلاحيات واسعة أتاحها له تعديل دستوري أجراه الرئيس السابق مشرف، فان حزب شريف طالب بعودة السلطة الاشتراعية الى البرلمان بالكامل، وجعل السلطة التنفيذية في يد رئيس الوزراء، كما نص الدستور قبل تعديلات أدخلها مشرف. وقال راجا ظفر الحق، رئيس حزب «الرابطة الإسلامية - جناح شريف» ل «الحياة» إن «الرابطة لا تعارض رفع أي قضية ضد زرداري وأنصاره في المحاكم، وتؤيد محاسبة شاملة لكل الأحزاب والأفراد، لضمان استعادة المال العام ومنع استغلال السلطة في المستقبل»، نافياً صحة إعلان وزير الداخلية رحمن مالك بأن كل القضايا التي أسقطها قانون مشرف للمصالحة الوطنية «لفقتها الحكومة السابقة لشريف، من اجل اضطهاده وحرمانه من حقه في المشاركة السياسية». الى ذلك، صرح قاضي حسين أحمد، الزعيم السابق للجماعة الإسلامية بأن «قرار المحكمة يفتح الطريق أمام تحالف عريض من قوى الشعب «للوقوف في وجه الفساد ومواجهة السياسة الأميركية في المنطقة التي لا تتمتع الحكومة الحالية بالقوة الأخلاقية لرفضها». ووصف قاضي حسين أحمد قرار المحكمة العليا بأنه «بداية لمسيرة طويلة قد تواجه عقبات، للوصول إلى حال من الاستقرار وحكم القانون، وصد أي محاولة للجيش للتدخل في الشأن السياسي للبلاد»، مشيراً الى أن سنوات حكم العسكر اعتبرت «الأكثر فساداً على الصعيد المالي وسوء استخدام السلطة، وتوجها مشرف بسنوات من الفساد الأخلاقي والتفريط بسيادة باكستان، في مقابل تعاونه مع الأميركيين للبقاء في السلطة».