هدأت في اليوم الخامس للعملية الأمنية التي ينفذها الجيش اللبناني في البقاع الشمالي وتيرتها الميدانية، لكن الأجهزة الأمنية في المنطقة أبقت على تأهبها وجاهزيتها، وبدا ان تحركها مرتبط بالمعلومات الاستخبارية والأمنية التي تتلقاها عن الاشتباه بوجود أشخاص متورطين في جريمة تمنين التي استشهد فيها اربعة عسكريين. وكانت حملة الدهم والتفتيش الواسعة التي نفذها الجيش في كل المناطق الجردية البقاعية وصلت الى مناطق نائية جداً لم يصلها أحد من قبل، وهي تقع في الجرود الشرقية والشمالية لبعلبك والمناطق المجاورة لشمال لبنان ولا سيما القبيات وعندقت، مثل جرد نحلة وعرسال وبريتال ومناطق الرويلة، كرم شباط، مرجحين، جوار الحشيش، الصويصة وسهلات المي. كما شملت في شكل أساسي المغاور التي حصلت القيادة العسكرية على احصاءات تتعلق بها وعثرت عناصرها في خلالها على أسلحة وبعض الممنوعات. وصدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه بيان بعمليات الدهم والتفتيش التي تواصلت امس في منطقة البقاع الشمالي، بحثاً عن المسلحين الذين اعتدوا على عناصر الجيش وملاحقة للمطلوبين للعدالة بجرائم مختلفة. وأفاد البيان ان القوى العسكرية «تمكنت امس من توقيف 23 شخصاً وضبط كمية من المخدرات والاسلحة والذخائر الخفيفة والأعتدة العسكرية المتنوعة، اضافة الى ضبط خمس سيارات مسروقة». ولفت الى انه «تم تسليم الموقوفين مع المضبوطات الى المراجع المختصة». ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر أمنية ان الجيش «احرز تقدماً في تحديد بقعة معينة يجرى العمل ضمنها بالتعاون مع الجميع وبعيداً من اي تعميم أو خروج عن الخطة المرسومة»، مستبعدة «ان تكون اي جهة في المنطقة ساهمت في ايواء منفذي الاعتداء»، وأكدت «ان كل الجهات السياسية والحزبية المعنية اعلنت مساندتها الجيش واستعدادها لتقديم كل ما يساعده في هذا المجال». وأعلنت المصادر ان الجيش اعتقل شقيق الرأس المدبر للجريمة، في بلدة الدار الواسعة حسن جعفر بعد تطويق عسكري واسع، اضافة الى نحو عشرين شخصاً، مطلوبين بقضايا اخرى، منهم مطلوب من آل يزبك في حوش بردى متهم بقتل مجند في الجيش. وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي اكد امام وفد يمثل فعاليات منطقة بعلبك - الهرمل وعائلاتها زاروه اول من امس، وبينهم ممثلو عشيرة جعفر، ان الجيش «يتعامل مع اهالي المنطقة على انهم اهل وأخوة وليسوا اعداء او مجرمين، بل هو يريد فقط توقيف المتورطين في الجريمة». وشدد قهوجي على ان الجيش «لا يتعامل مع هؤلاء المجرمين من موقع الثأر، بل بوصفهم يشكلون عصابة خارجة على القانون ارتكبت عملية ارهابية ويجب توقيفهم». مكتب مكافحة المخدرات من جهته، اعتبر رئيس «مكتب مكافحة المخدرات» المقدّم عادل مشموشي في حديث إلى «وكالة فرانس برس» أنّ الاعتداء الاخير على الجيش اللبناني «هو الأكثر وقاحة بين التجاوزات التي نفّذها المهربون ضد رمز من رموز الدولة اللبنانية». وقال إنّ «لبنان هو بين الدول النادرة التي يملك فيها مهرّبو المخدرات ترسانة من السلاح تكاد تكون اكبر من عتاد القوى الامنية»، موضحاً أنّ «لديهم قاذفات صواريخ وقذائف هاون». ولفت الى انه «مع الازمة السياسية التي انفجرت في 2006، عاد السلاح لينتشر بكثافة في المنطقة، احياناً نتعرض لإطلاق النار خلال محاولتنا القضاء على مزروعات الحشيشة. انهم يشعروننا بأننا نقضي على مصدر رزقهم». ورأى ان «المهربين الكبار تحولوا الى نماذج تُحتذى للشبان في المنطقة الذين يرغبون بالربح السريع». واذ اعتبر مشموشي ان مساحة الاراضي المزروعة بالحشيشة التي تم إتلافها بين 2006 و2008 «لم تكن كبيرة»، استدرك قائلاً: «الا اننا هذه السنة سنكون صارمين». «حزب الله»: لا نغطي احداً وفي موقف جديد ل «حزب الله» من الاعتداء على الجيش اللبناني، أكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن «الحزب لم يغطِّ احداً ولا يغطي أحداً في جرائم القتل والمخدّرات التي تحصل في البقاع»، مضيفاً أنّ «دوريات الجيش اللبناني منتشرة في كل مكان في البقاع وتستطيع ان تدخل الى كل مكان»، نافياً أن تكون هذه مسؤولية الحزب. وفي حديث إلى «فرانس برس»، أشار إلى أنّ «مشكلة المخدرات مشكلة مستعصية في البقاع لها علاقة بأزمة التنمية وهي قديمة وسابقة لوجود حزب الله ولها علاقة بالوضع الاجتماعي الاقتصادي»