قرر رؤساء أركان 16 جيشاً عربياً عقب اجتماعهم في القاهرة أمس لمناقشة اقتراح تأسيس قوة عربية مشتركة الذي كانت قمة شرم الشيخ أقرته من حيث المبدأ الشهر الماضي، تكليف فريق عمل بدرس آليات تشكيل القوة، على أن يعرضها على اجتماع آخر لرؤساء الأركان. ومُثلت الدول العربية كلها في الاجتماع، باستثناء سورية، لكن خمس دول، بينها العراق، شاركت بتمثيل منخفض في الاجتماع الأول لمناقشة تنفيذ قرار تشكيل القوة التي سيكون الانضمام إليها اختيارياً. وقال المجتمعون في بيان إن الاجتماع خلص إلى «دعوة فريق رفيع المستوى يعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة في الدول الأعضاء، لدرس الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع كافة والإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة وتشكيلها، فضلاً عن الإطار القانوني اللازم لآليات عملها.» وأشار البيان إلى أن تشكيل القوة هدفه «صيانة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.» وأضاف أن الفريق المزمع تشكيله سيجتمع في الأسابيع المقبلة، على أن تعرض نتائج أعماله على اجتماع مقبل لرؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء في الجامعة. وأعقبت الجلسة الافتتاحية التي عقدت في مقر الجامعة العربية، اجتماعات مغلقة للبحث في آليات إنشاء القوة. وقال الأمين العام للجامعة نبيل العربي في كلمته أمام الاجتماع إن قرار تشكيل القوة «يؤكد عزم الدول العربية على مواجهة شاملة (للتحديات)، بحيث تكون على أهبة الاستعداد، ويفتح المجال من أجل صيانة الأمن القومي العربي جماعياً». ودعا رؤساء الأركان إلى «العمل لخروج هذه القوة العربية إلى النور، خصوصاً بعد أن تنامت ظاهرة الإرهاب وأصبحت تشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي العربي». ورأى أن «الأمة العربية يربطها مصير مشترك وقدر واحد حتم على القادة العرب أن يعتمدوا هذا القرار التاريخي في قمة شرم الشيخ... تأكيداً لأهمية الإدارة العربية الموحدة لتحقيق الأمن العربي وصيانته». وأكد أن «تشكيل مثل هذه القوة ليس بغرض إنشاء حلفٍ عسكري جديد أو جيش موجه ضد أي قوة، إنما في إطار تفعيل العمل العربي في المجالات العسكرية الأمنية». وقال: «يجب أن يأخذ البعد العسكري موقعه في العمل العربي، في إطار نظام عربي متكامل قادر على رفع العدوان وحماية استقلال دوله، خصوصاً أننا نرتبط بمصير مشترك وحضارة تمنحنا بجدارة حق الدفاع الشرعي والشرعية السياسية القانونية والعربية». ودعا المشاركين إلى «وضع تصور شامل للأمن القومي العربي، والشعوب لديها أمل كبير في اجتماعكم بما يضمن مستقبلها، وعلى ثقة بأنكم قادرون على تحقيق تطلعاتهم». ورحب بإعلان الانتهاء من عملية «عاصفة الحزم» في اليمن التي «حققت أهدافها». وثمّن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تقديم 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، داعياً إلى «تكثيف الجهود من أجل إنجاح عمليات الإغاثة وإعادة البناء، وسرعة إنجاز العملية السياسية وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وأكد «استعداد الجامعة التام لتقديم كل ما من شأنه دعم الجهود المخلصة التي يبذلها الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وأمنه واستقراره». واعتبر رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي في كلمته أمام الاجتماع الذي تولى رئاسته، أن «حرص رؤساء الأركان على الحضور برفقة وفود رفيعة يعكس أهمية هذا الاجتماع في هذه المرحلة المهمة من تاريخ أمتنا العربية». وأوضح أن «الاجتماع يأتي تفعيلاً للقرار التاريخي الذي اتخذه القادة العرب في شرم الشيخ لصون الأمن العربي الجماعي، ما يؤكد حتمية العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية، وهو ما أدى بالقادة إلى تبني إنشاء قوة تكون درعاً وسيفاً لحماية الأمن القومي العربي من المحيط إلى الخليج». وقال: «أثق بأنكم تشاركونني الرأي أن تحديات الأمن القومي العربي الجماعي تمتد عبر الحدود. ما يجري في أي بلد عربي من اقتتال داخلي يلقي بظلاله على الواقع العربي، إضافة إلى استفحال التنظيمات الإرهابية بممارساتها التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك تعاظم الحاجة إلى قوة جماعية عربية تكون جاهزة للتدخل السريع بناء على طلب من الدولة المعنية بما لا يمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها، اتساقاً مع ميثاقي الجامعة والأمم المتحدة واحتراماً لقواعد القانون». وشدد على أن القوة المشتركة «ليست مواجهة ضد أحد ولا تمثل تهديداً لأحد، لكن تهدف إلى محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي». وأضاف:»حانت الفرصة من خلال قرارٍ تاريخي أقره القادة العرب في قمة شرم الشيخ، وكلفوا فيه رؤساء أركان القوات المسلحة بالإشراف على فريق من الخبراء رفيعي المستوى لدرس جوانب إنشاء القوة العربية المشتركة واقتراح الإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء هذه القوة، ومن ثم جاء الاجتماع الأول لهذا الفريق لإتمام هذه المهمة في غضون أربعة أشهر من صدور القرار، قبل عرضه على مجلس الدفاع العربي المشترك». وشارك في الاجتماع رؤساء أركان جيوش مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن وتونس وليبيا ولبنان وفلسطين والمغرب وجيبوتي وموريتانيا والسودان، فيما شاركت بمستوى تمثيل أقل خمس دول هي الجزائر والصومال والعراق وجزر القمر واليمن.