تؤكد سعوديات مهتمات في مجال البحث العلمي أن الصعوبات التي تواجه الباحثة السعودية «كثيرة»، بداية من قلة التشجيع ومروراً بندرة فرص مشاركتهن في المؤتمرات العلمية، ووصولاً إلى صعوبة خوض البحوث الميدانية لاستقراء الدراسات، فضلاً عن عوامل أخرى تمنع «مؤشر» عدد الباحثات في السعودية من الارتفاع. وتوضح أستاذة علم الأدوية في كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتورة سميرة إسلام، وجود مؤشرات تدل على تفوق المرأة السعودية، فمعدل النمو السنوي للطالبات المتقدمات لمرحلة البكالوريوس في كل جامعات المملكة وكليات البنات يزيد على 13 في المئة، في حين أن معدل النمو السنوي عند الطلاب 7.1 في المئة. وتلفت إلى وجود مؤشرات كيفية أدت إلى تراجع مستوى المرأة في البحث العلمي تتعلق بدوافع الحماسة والتشجيع، إضافة إلى التطبيق المبكر لنظام السعودة، من خلال إقحام المرأة في وظائف ذات مسؤوليات إدارية عليا، ما شغلها عن الخوض في البحوث العلمية، إلى جانب ندرة الفرص الكافية للمرأة لتشارك في المؤتمرات العلمية. كل ذلك أدى إلى حجبها عن التطورات والتيارات الحاصلة بمستوى الأبحاث العلمية المختلفة. وتُعتبر الدكتورة إسلام أول عربية حاصلة على جائزة ال «يونيسكو»، ولديها إنجازات تجاوزت الصعيد المحلي ووصلت بنجاحاتها وأهميتها لتصبح علامة بارزة على المستوى العالمي، إذ ساهمت في إنشاء عدد من الوحدات العلمية وتطويرها، واهتمت بأبحاث الأدوية، على اعتبار أن الأفراد يتفاوتون، وتختلف استجابتهم للدواء بسبب الصفات الجينية والوراثية. وركزت في أبحاثها على تحقيق الاستخدام المأمون للدواء لدى الإنسان السعودي ودراسة تأثير الصفات الوراثية ومفعول الدواء لدى السعوديين. وتؤكد أن الصعوبات التي تواجهها المرأة السعودية العاملة في البحث العلمي، تكمن في التمييز في مجال إتاحة فرص العمل، مشيرة إلى أن أشكال التمييز عديدة، أهمها أن الرئاسة محتكرة للرجال حيثما يكون العمل مشتركاً كأقسام المستشفيات، الكليات، وحدات البحث، والجمعيات العلمية. في الوقت نفسه، يؤكد تقرير التنمية في العالم لعام 2000 الصادر من «البنك الدولي»، أن تحقيق التوازن في فرص العمل بين الرجل والمرأة يؤدي بطريقة مباشرة إلى زيادة في معدلات النمو والإنتاجية، ولتحقيق هذا الهدف يجب العمل على سد الفجوات المخلة بهذا التوازن. وتؤكد الدكتورة إسلام أن هناك تمييزاً في دعم البحث العلمي، ومشاركة النساء كباحث رئيس في مشاريع الأبحاث المدعمة قليلة. بدورها، ترى الباحثة السعودية الدكتورة حصة آل الشيخ، أن الباحثين، بشكل عام، يواجهون عدداً من الصعوبات، لكنها تلفت إلى وجود هموم من نوع آخر، تواجه الباحثة السعودية تحديداً، تتعلق بمصادر المعرفة الحقيقية المتعلقة بالتقاء الناس مباشرة واستطلاع آرائهم. كما تشير إلى مشكلة أخرى، تتمثل بعدم اهتمام بعض الجهات التعليمية بتدريس البحث العلمي ومهاراته. وتواصل آل الشيخ سرد العقبات التي تواجه الباحثة، ومنها عدم قدرتها على الاحتكاك والاطلاع بشكل واف على تجارب الآخرين، بسبب اقتصار الأيام المخصصة للباحثات في المكتبات المهمة كمكتبة جامعة الملك سعود، على يوم واحد فقط. وتتهم آل الشيخ بعض المؤسسات البحثية التي تدعم الباحثين بعدم استقطاب الباحثات بين صفوف فريقها العلمي. وتؤكد أن توظيف المرأة في مراكز البحوث يكاد يكون معدوماً، عازية ذلك إلى أن الرجل في المملكة سبق المرأة في مختلف مناحي العمل، فأصبحت المرأة مغيبة عن اتخاذ القرار أو صنعه ما جعل المرأة مهمشة وقليلة الخبرة، «لأنها لم تصل للمراتب نفسها التي أتيحت للرجل، ولمعالجة الوضع لا بد من إعادة النظر في أوضاع المرأة من خلال قرارات رسمية وفاعلة وأن يبرز صوت المرأة ودورها في مختلف المحافل، بخاصة العلمية». وتطالب آل الشيخ بإنشاء قاعدة بيانات بأسماء الباحثات السعوديات وأبحاثهن تمكن من يرغب في الوصول إلى أي بحث، مشيرة إلى أن هناك توجهاً عالمياً لرعاية الباحثين واستقطابهم، لذا لا بد من الاهتمام بالباحث والباحثة في السعودية وتوفير ما يحتاجان إليه في سبيل تطوير عملهم.