امتنع قادة الهند، طوال 40 سنة، من توقيع معاهدة منع الانتشار النووي التي تحظر على الدول غير النووية حيازة سلاح نووي، وتدعو الدول النووية المسلحة الى نزع سلاحها. ولقاء هذا، تنظم المعاهدة الاستفادة السلمية من الطاقة الذرية، وتحول دون تسخير التكنولوجيا في خدمة التسلح. وفي 29 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلن الرئيس الهندي، مانموهان سينغ، رغبة بلاده في توقيع معاهدة منع الانتشار من غير التخلي، طبعاً، عن صفتها دولة نووية. ولم يشفع سينغ إعلانه المبدئي بمواعيد ملزمة. ولكن توقيع الهند يدخل في رصيدها ربحاً عظيماً. فهو يرسخ صورتها قوة كبيرة مسؤولة، ولا يدعوها الى النزول عن قوتها وردعها. ويلقي التوقيع الهندي على إيران درساً في الانتشار من غير حمل الهند على تحدي إيران ومعاداتها. وهو يعزز المعاهدة الدولية، ويلقي بثقل الهند الدولي والسياسي في خانتها حين تنتهكها كوريا الشمالية وإيران. ومن طريق التوقيع، يسع الهند الإسهام في منع الانتشار النووي فوق إسهامها من قبل. وترد الزعم بأن الاتفاق النووي الهندي - الأميركي، وهو وقع في 2008 ويجيز للهند حيازة تكنولوجيا نووية مدنية من غير إلزامها التقيد بمعاهدة منع الانتشار، يضعف المعاهدة هذه. وأخيراً، لا ريب في أن التزام الهند المعاهدة يحرج باكستان، ويبطل تذرعها بسياسة الهند وموقفها الى تسويغ سلاحها النووي. وقد يحمل الوكالة الدولية على الفحص المدقق في دور باكستان في كسر الحظر وانتهاكه. ويترتب على قبول الهند في المعاهدة، وهي دولة حائزة السلاح، تعديل المعاهدة أو بعض بنودها. فإحدى المواد تعرّف الدولة النووية المسلحة بتلك التي سبقت صناعتها السلاح وتفجيره الأول، من كانون الثاني (يناير) 1967. فعلى أعضاء المعاهدة، والحال هذه، الموازنة بين التزام نصوصها وبين ضم الهند وثقلها الى مكافحة الانتشار. وعلى واشنطن، في المرتبة الأولى، حسم موقفها من تعديل المعاهدة. وهي الى اليوم تعارض مثل هذا التعديل. واستمرار معارضتها التقليدية يضر بتقوية روابطها بالهند في وقت تترسخ فيه المصالح الأميركية في جنوب آسيا، وتتعاظم المخاوف من الصين. ومعارضة الصين التعديل يدمغ بكين بالأنانية القومية، وبتنكب مكافحة الانتشار. وتلزم الموافقة على المعاهدة الدول الموقعة التخلي عن اختبار الأسلحة وإجراء التجارب عليها. وقد يربح سينغ تعليق هذا الشرط في أثناء المفاوضة على انضمام الهند الى معاهدة حظر الانتشار. ولا ريب في أن «الربح» الهندي يعقد مسألة حظر التجارب الشامل، وفي الأحوال كلها، فخطوة الهند تكسبها تأثيراً في الديبلوماسية النووية الدولية لم تكسبها إياه معارضتها المعاهدة، وترجح كفتها في مفاوضات قد تحرج الأصدقاء والخصوم. * مدير مركز الأمن الأميركي والعالمي في جامعة انديانا ومدير أبحاث المركز، تباعاً، عن «نيوزويك» الأميركية، 15/12/2009، إعداد وضاح شرارة