أحيى السوريون امس الذكرى السادسة والثلاثين ل «عيد الجلاء»، يوم خروج آخر جندي فرنسي من البلاد، مع ربط ذلك بالعمل على استعادة الجولان الذي احتلته اسرائيل عام 1967. وكان لافتاً ظهور مبادرات فردية وشعبية برفع علم سورية وتبادل رسائل الكترونية وذهاب عائلات الى القسم المحرر من الجولان، اضافة الى تغطية مميزة في وسائل اعلامية في هذه المناسبة. وجرى مهرجان كبير في مدينة حماة وسط البلاد برعاية الرئيس بشار الاسد حضره كبار المسؤولين السوريين في الدولة وحزب «البعث» الحاكم. وقال الامين القطري المساعد ل «البعث» محمد سعيد بخيتان ان استقلال سورية «عزز مسيرة الأمة من أجل استقلال جميع أقطارها»، مشيرا الى ان «معركة الجلاء مستمرة على ارض الجولان الحبيب»، وان الجولان «لا بد ان يعود الى الوطن محرراً عزيزاً شامخاً». وذكر بخيتان «الابطال الميامين» الذين ساهموا في صنع الاستقلال في جميع المدن السورية، بينهم قادة «الثورة السورية الكبرى» سلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وابراهيم هنانو وحسن الخراط ونظير شيواني وأحمد مريود ومحمد الفاعور، اضافة الى يوسف العظمة الذي كان يشغل منصب وزير الحربية، وقوله العبارة الشهيرة «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم»، قبل ان يخرج الى ميسلون (قرب دمشق) لملاقاة القوات الفرنسية بقيادة غوابيه غورو لدى قدومها الى دمشق عام 1920. وقال الامين القطري المساعد ل «البعث» ان «إرادة المقاومة مكون أصيل من مكونات النفس العربية تتعلمها الأجيال جيلاً بعد جيل»، وان «المقاومة تصنع اليوم تاريخ الامة»، في اشارة الى حربي عام 2006 وغزة بداية العام. وزاد: «انها المقاومة التي تفخر سورية بدعمها في اطار نهجها الوطني القومي النهج الذي عزز دور سورية وحصنها امام كل الضغوط والتهديد والحصار». وتطرق بخيتان الى المصالحات العربية وتبني الاسد مبدأ «إدارة الخلاف في اطار حوار عربي هادف»، قائلا ان «العالم لا يحترم إلا الأمة التي تحترم نفسها». وقال الأمين العام ل «حركة الاشتراكيين العرب» احمد الاحمد في خطاب باسم الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم الاحزاب المرخصة، ان «معارك الجلاء لم تنته بل تؤكد أن هناك فرقاً كبيراً بين من يعتمد على الاحتلال ويراهن عليه، وبين من يعتمد على إرادة الشعب ويعمل على تحقيقها». كما اقام في هذه المناسبة نائب رئيس الاركان العماد حسن توركماني حفلة استقبال في نادي ضباط القوات المسلحة حضره كبار ضباط الجيش والقوات المسلحة ورابطة المحاربين القدماء. وشاركت القوات المسلحة في الاحتفالات. وافادت «الوكالة السورية للانباء» (سانا) ان القادة العسكرين «تعهدوا ان تبقى ذكرى الجلاء حافزا لهم حتى تتحرر الأرض العربية المحتلة، وفي مقدمها ارض جولاننا الحبيب». واذ توجهت آلاف العائلات من النازحين الى مدينة القنيطرة في الجولان ل «الوقوف على اطلال» البيوت المدمرة لدى انسحاب اسرائيل من هذه المدينة بعد توقيع اتفاق فك الاشتباك عام 1974، تبادلت عائلات «جولانية» التهاني بمكبرات الصوت على طرفي الاسلاك الشائكة في موقع عين التينة في مقابل بلدة مجدل الشمس الواقعة تحت الاحتلال. ورفع سوريون اعلام بلادهم على شرفات المنازل وامام الدكاكين، كما تبادلوا رسائل الكترونية عبر الانترنت او رسائل نصية عبر الهواتف النقالة، في حين برمج بعضهم النشيد الوطني نغمة على هاتفه النقال، اضافة الى زيارات عائلية لمتاحف تاريخية وحربية. وبعث المؤرخ سامي مبيض الى اصدقاء نص الكلمة التي ألقاها الرئيس السابق شكري القوتلي في 17 نيسان (ابريل) عام 1946، وقوله: «اننا نطوي اليوم معركة الحصول على استقلال ونفتح صفحة الحفاظ عليه، التي هي ربما اصعب واكثر تحديا» و «اننا نودع مرحلة الدمار لنبدأ مرحلة الاعمار»، مشددا على ضرورة ان «نبني أمة جديدة، افضل ثقافياً واقتصادياً واخلاقياً».