شدّد الباحث والروائي المصري يوسف زيدان على خطورة اختلاف الثقافة العربية التي تتمحور حول اللغة عن الثقافة العامة التي تدور في إطار الرمز. وفي محاضرة ألقاها في «المؤتمر الأول للثقافة الرقمية» الذي اختتم أعماله في مدينة الاسكندرية أخيراً، قال زيدان: «ان هذه الإشكالية تتعلق بارتباط الثقافة العربية باللغة في صورتها التقليدية، فيما تعتمد الثقافة الرقمية على الرمز فضلاً عن كونها متجددة... وكذلك فإن ثقافتنا العربية مرتبطة بالأصول الدينية والنحوية والبلاغية كما أنها تميل الى الماضي في كل ألفاظها وبنائها، في حين أن العالم الرقمي استشرافي ولا يهدأ». وأشار زيدان في هذا الصدد إلى أن الثقافة العربية مشتتة في شكل لا يلائم العصر الرقمي، فضلاً عن أنها تتعامل بشكل ساذج مع عصر المعلومات. ويشار إلى أن هذا المؤتمر هدف الى تفعيل الثقافة الرقمية في ضوء أن الملايين أصبحوا يتواصلون من طريق الوسائط الرقمية المختلفة مثل البريد الإلكتروني وال «ماسنجر» وغرف الدردشة. وكذلك ظهرت إلى الوجود الرقمي (أو الواقع الافتراضي) تجمعات بشرية ضخمة على مواقع الإنترنت الاجتماعية مثل «فايس بوك» Face Book و «تويتر» Twitter و «ماي سبايس» MySpace وغيرها. وراكم ذلك ثقافة جديدة مغايرة. وكذلك شرعت مفردات لغوية جديدة على معاجم اللغة العربية وقواميسها، تغزو أعمال العرب الإبداعية شعراً وقصة ورواية ومسرحاً ونقداً. وفي سياق متصل، أكد الشاعر أحمد فضل شبلول رئيس المؤتمر أهمية الوصول إلى رؤى فكرية وعملية عربية للتفاعل مع العصر الرقمي، والعمل على ردم الفجوة بين الواقعي والافتراضي، بحيث لا يستمران كعالمين منفصلين. ودعا أيضاً الى ردم الفجوة بين المبدعين والمفكرين العرب بتيسير التقائهم عبر الوسائط الرقمية المتعددة. وتناول الكاتب الأردني مفلح العدوان، وهو رئيس «اتحاد كتاب الإنترنت العرب»، مستقبل الثقافة الرقمية. وقال: «ان ذلك المستقبل مرهون بتوقفه على كيفية تعامل الكاتب العربي مع الوسائط الجديدة... هناك تقدم ملحوظ في هذا الاتجاه ولكنه بطيء، وهناك نماذج محددة بالنسبة الى كتابة المستقبل. ولا يزال استخدام الإنترنت بطيئاً. ولا تزال الشبكات الرقمية تشكّل حاملة الكتاب الورقي، بمعنى عدم تبلور تجارب كتابة رقمية كاملة... إن هناك مستخدمين لشبكة الإنترنت على اعتبارها ناقلاً وليس على أنها بنية تحتية في الكتابة».